يُعتبر قطاع النسيج شريان الاقتصاد بجهة المنستير، وهو من أبرز دعائم موارد الدولة اعتبارا لحجم صادراته، غير أنه يواجه اليوم إشكالا جوهريا يتعلق أساسا باليد العاملة المتخصصة والمنافسة الخارجية. الشروق مكتب الساحل: وتُعدّ ولاية المنستير عاصمة قطاع النسيج في تونس، حيث تضم 500 مؤسسة عاملة أي ما يمثل 27 % من المؤسسات على المستوى الوطني العاملة في قطاع النسيج والملابس، ويمثل القطاع 76 % من جملة المؤسسات المنتصبة بالجهة. وتشغّل هذه المؤسسات 27 % من إجمالي اليد العاملة في قطاع النسيج والملابس على المستوى الوطني وأكثر من 83 % من إجمالي اليد العاملة الصناعية بولاية المنستير. واعتبارا لأهمية القطاع وقدرته التشغيلية قامت مكاتب التشغيل والعمل المستقل بولاية المنستير بعملية مسح ميداني ل 280 مؤسسة ناشطة في القطاع ممّا مكّن من تحديد حاجاتها من اليد العاملة والتي تُقدّر ب 6 آلاف موطن شغل، وهو ما يستوجب تنظيم عمليات تأهيل وإعادة تأهيل لتنمية كفاءات طالبي الشغل بهدف ملاءمتها مع حاجيات المؤسسة. وقد تمّ في هذا السياق إمضاء اتفاقيتي شراكة وتعاون بين وزارة التكوين المهني والتشغيل ممثلة في الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ممثلة في الجامعة التونسية للنسيج والملابس بالمنستير والاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالمنستير بمناسبة انعقاد الدورة الأولى لصالون التشغيل في قطاع النسيج والملابس بقصر المعارض بالساحل. وتهدف الاتفاقيتان إلى ضبط إطار عمل مشترك لتأهيل وإعادة تأهيل طالبي الشغل للاستجابة لحاجيات المؤسسات الناشطة في قطاع النسيج والإكساء من الموارد البشرية المتخصّصة. وأكدت وزيرة التكوين المهني والتشغيل سيدة الونيسي أنّ "المشكل اليوم ليس في توفير التشغيل بل في أن يكون للشباب المهارات والتقنيات التي يطلبها سوق الشغل، واعتبرت أنّ صالون التشغيل في قطاع النسيج المنتظم مؤخرا بقصر المعارض بالساحل جاء بمقترحات وعرض شغل قدمتها المؤسسات على عين المكان لفائدة طالبي الشغل، وقد كان مبادرة لتنمية الحوار بين الدولة والقطاع الخاص في موضوع التشغيل، وسيتم تعميم مثل هذه المبادرة على قطاعات أخرى مستقبلا. أزمة «إيجابية» من جهته أكد المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل محمد ماني أنّ قطاع النسيج يتسم بقدرته التشغيلية العالية والقيمة المضافة الكبيرة التي يحققها على مستوى التصدير، وقال إنّ "القطاع يعاني في ظاهره أزمة ويبدو أمام مشكل نقص اليد العاملة الراغبة في العمل فيه، ولكن بالتدخل الجماعي وبالشراكة بين القطاعين العام والخاص تصبح الأزمة نقطة قوة" حسب تعبيره. ورأى ماني أنّ "عملية إعادة التأهيل أصعب من التكوين الأساسي لثلاثة أسباب، وهي أولا صعوبة إقناع طالب الشغل بأنّ كفاءته غير مطلوبة في سوق الشغل، وهنا قامت وكالة التعاون الألماني GIZ بمهمة كبيرة في إقناع الشباب بضرورة تغيير الاختصاص، ثانيا هناك صعوبة في تحديد محتوى التكوين، وهنا عملت مراكز التكوين العامة والخاصة على ضبط مقاييس محددة للملاءمة بين متطلبات المؤسسات وفحوى التكوين، وهذه مهمة صعبة تطلبت اجتماعات ماراطونية، أمّا الصعوبة الثالثة فتتمثل في كلفة إعادة التأهيل، وهي مرتفعة مقارنة بالتكوين الأساسي. وستتكفّل وكالة التعاون الألماني GIZ بمصاريف التكوين التي يتلقاها الشبان المقبلون على العمل في قطاع النسيج، وأوضح نائب الرئيس الوطني للجامعة التونسية للنسيج والملابس والرئيس الجهوي بالمنستير جلال الزياتي أنه بعد التقييم الأولي لطالبي الشغل سيتم اختيار عدد معين من كل اختصاص ويتلقى الشاب تكوينا في المراكز المختصة وفي المؤسسات بشكل متواز. كما أعدّت الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل دورات تأهيلية في اختصاصات مرتبطة بالنسيج والملابس بهدف إدماج المتكونين في سوق الشغل، بالشراكة مع الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بالمنستير والجامعة التونسية للنسيج والملابس بالمنستير والقطب التكنولوجي في النسيج بالمنستير ومراكز التكوين العمومية والخاصة. ويشمل هذا البرنامج تطوير كفاءات 6 آلاف طالب شغل بينهم 1214 من حاملي الشهادات العليا، ويتم العمل على إدماجهم في سوق الشغل إلى موفى 2019. صعوبات أخرى يُشار إلى أنّ حوالي 25 بالمائة من المؤسسات الصغرى الناشطة في قطاع النسيج توقفت عن النشاط بعد أن عجزت عن ترويج سلعها في الأسواق المحلية التي أغرقت بنفس السلع المستوردة أساسا من الصين وتركيا وبأسعار لا تقبل المنافسة كما أن مؤسسات أخرى تعيش صعوبات كبرى بسبب التوريد العشوائي والتهرب القمرقي والتجارة الموازية. وأكّد المهنيون أن من المشاكل الأخرى التي يواجهها قطاع النسيج خصوصا في قصر هلال، المدينة الأكثر استقطابا لليد العاملة الناشطة على مستوى الولاية، غياب المنطقة الصناعية المهيأة وارتفاع أسعار الطاقة والزيادة غير المدروسة في الأجور وارتفاع نسبة الأداءات فضلا عن ارتفاع كلفة مياه المصابغ وعجز صغار الصناعيين عن توريد المواد الأولية. أرقام ودلالات 500 مؤسسة للنسيج والملابس بالولاية 83 % من اليد العاملة الصناعية تعمل في قطاع النسيج 6000 حاجات المؤسسات من اليد العاملة