قال الدكتور رائد المصري الاستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية ان دول المغرب العربي وخاصة الجزائر والمغرب تحتاج الى ارادة سياسية صادقة وحوار سليم من أجل تجاوز كل النقاط الخلافية وانطلاق قطار اتحاد المغرب العربي من جديد. كيف تقرأ الرد الجزائري (دعت لاجتماع وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي) حول مبادرة ملك المغرب ؟ دعوة الجزائر إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي بأن يكون الاجتماع في أقرب وقت ممكن، تعتبر رداً غير مباشر على دعوة العاهل المغربي للجزائر للحوار حيث كان الملك المغربي قد أطلق دعوة للحوار مع الجزائر في وقت سابق، والمهم هو اقتراحه بإنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور لتسوية النزاعات بين البلدين مما يعني إجراءات حوارية فاعلة تعطي نتائج وتحقٍّق تقدم مهم في سبيل تطوير هذه العلاقة. هل كانت مبادرة الملك المغربي بالحوار المباشر دعوة صريحة في اتجاه مصالحة مرتقبة بين الطرفين ؟ توجب الإشارة هنا الى أن دعوات المغرب في السابق والمبادرات التي كان يطرحها من أجل الحوار كانت تقابل بردود دبلوماسية جزائرية غامضة وضبابية ومن دون دخولها حيز النقاش والتطبيق العملي، لكن اليوم يبدو أن التفاؤل بحوار سليم هو ما توصف به مرحلة العلاقة بين البلدين. وتبدو أنها إعلان صادق لطي أزمات الماضي وتجاوز الخلافات العالقة بين البلدين بما يتعلق بملف نزاع الصحراء وعرقلة مسيرة الاتحاد المغاربي. علماً أن طاولة الحوار التي تمَّت الدعوة اليها يمكن لها أن تكشف مستوى الرغبة الجزائرية في إجراء مراجعة أو إحداث تطور حقيقي وديناميكية سياسية في مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين وبين دول الاتحاد المغاربي لأن الخوف على المستقبل لهذه الدول هو ما يشكِّل سِمة المرحلة المقبلة في ظل تشكل نظام دولي وإقليمي جديدين. برأيك ماهي سبل نجاح هذا الحوار المرتقب؟ وأي دور لهذه المبادرة في إحياء وتفعيل صرح اتحاد المغرب العربي؟ يجب أن يكون هناك منهجية عمادها تبادل المصالح القائم على أساس أن الكل رابح والذي يبدأ بفتح الحدود بين البلدين لأن إبقاءها مغلقة هو حالة غير طبيعية بين بلدين شقيقين تربطهما علاقات ومصالح مشتركة، ولنجاح هذه العلاقات يتطلب العمل لبحث وحل ملفات كثيرة منها قضايا الإرهاب والهجرة. والجديد اليوم يتمثل في الدعوة إلى إنشاء آلية سياسية مشتركة للحوار بين البلدين... لكن قضية النزاع حول إقليم الصحراء يُعد أحد أبرز الملفات الخلافية بين البلدين وهو ما يحتاج إلى دراسة معمقة لأن السياسة في علاقات الدول تقوم على تحقيق المنافع والمصالح للدول للمجتمعات من أجل البحث عنها في العمل المشترك. هذا وتعتبر قضية الصحراء بمثابة البارومتر الذي يقيس العلاقات به بين البلدين الجارين ونفس الأمر بالنسبة لإغلاق الحدود البرية وغيرها من الخلافات السياسية. وهذا بدوره يتطلب الكثير من الجهود واللقاءات ونزع فتيل الأزمات. هل سنشهد قمة مغاربية رفيعة في الافق تكون ثمارها انطلاق قطار المغرب العربي من جديد؟ المنطقة المغاربية هي منطقة حيوية للأمن الاستراتيجي ولأوروبا ولحوض المتوسط، وهو ما جعلها تمثل بؤرة مهمة من بؤر الصراع الدولي وذلك منذ بداية هذا القرن، أيضاً ساهم الصراع الدولي في كل مراحله في توظيف هذا الصراع خصوصاً بما يتعلق بقضية الصحراء المغربية لتحقيق عدة أهداف أهمها هو أنها أصبحت أداة إشغال وإبعاد دول الغرب وفصلها للعالم الإسلامي والعربي عن بعضه خصوصاً أن المغرب والجزائر سبق وأن ابتعدتا عن الاهتمام بالقضايا العربية والإسلامية حيث أفضت تطورات الصراع في المنطقة إلى ارتفاع الحاجة للدعم الأجنبي عسكرياً واقتصادياً وهو ما جعل قضية النزاع بينهما عنصر استنزاف للمقدرات الذاتية لدوله ويعطي مبرراً للتدخل الأجنبي. لذا أعتقد أنه إذا كان هناك نية صافية وجدية وبعيدة عن الارتهان للقرارات الخارجية وللتدخلات الأجنبية فيمكن لهذه العلاقات أن تستعيد حيويتها لأنه بالأصل يعود للقرار السياسي السيادي الحر للدول وبعدها نَلِج وندخل الى حلول لأزماتنا المستفحلة.