جاء الرد الرسمي الجزائري قبل يومين بالاستجابة لدعوة المغرب للعودة للحوار بين الجارين الشقيقين ليسحب البساط تحت أقدام كل المواقف التي شككت في قبول الجزائر للدعوة وراهنت على رفض الجزائر للمبادرة.. ولاشك أن تأخر الرد الجزائري لبعض الوقت قبل صدور البيان الرسمي للجزائر يستوجب من الأمين العام للاتحاد المغاربي التعجيل باقتناص الفرصة وعدم التردد في الاستثمار في هذا الموقف الايجابي الذي قد يحمل في طياته بذور تحول جديد ما أحوج دول الاتحاد المغاربي إليه.. قد يكون من السابق لأوانه الانسياق وراء توقع نتائج ملموسة لهذه الدعوة ولكن الأكيد أن هذا التحول في المواقف ينم عن ليونة وتوجه نحو التقارب الذي لا مناص منه والعودة إلى الحوار والتفاوض بين الجارين المغرب والجزائر اللذان بدونهما لا يمكن لخارطة المغرب العربي أن تكتمل أو يكون لها موقع ضمن التكتلات الإقليمية والدولية.. والأكيد أنه سيتعين على الأمين العام للاتحاد المغاربي السيد الطيب البكوش التعجيل بالتحرك وعدم تفويت الفرصة المتاحة بعد استجابة الجزائر للدعوة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس الجزائر الى الحوار بشأن الملفات العالقة بما يمكن أن يعيد العلاقات الى طبيعتها بين المغرب والجزائر ويعزز بالتالي فرص إحياء الاتحاد المغاربي هذا الحلم المؤجل الذي كان يمكن أن يقدم لشعوب المنطقة الفضاء الاقتصادي والثقافي والتجاري والسياسي ولم لا العسكري المطلوب ويساعد في التأسيس لقوة إقليمية مغاربية تقف دون كل محاولات اختراق الدول المعنية واستهداف أمنها واستقرارها.. دعوة الجزار إلى عقد اجتماع لمجلس وزراء خارجية الاتحاد المغاربي، في أقرب وقت ممكن تحول ايجابي يتعين عدم التفريط فيه وهو ما يجعل الأمين العام للاتحاد المغاربي أمام اختبار حاسم يفرض عليه كسب الرهان بالإصرار على عقد اجتماع وزراء خارجية الدول الخمس في اقرب وقت ممكن وعدم القبول بتأجيله تحت أي ضغط كان بعد الموقف المغربي والجزائري... وهو ما يفترض أيضا وبدون الانسياق وراء حسابات العاطفة التوجه جديا إلى إحياء هياكل الاتحاد لعقد القمة المغاربية المؤجلة منذ عقود.. والواقع أنه آن الأوان للمواقف السلبية إزاء الاتحاد المغاربي أن تفسح المجال لواقع جديد من التعاون لوضع حد للفرص المهدورة وللوقت الضائع منذ الإعلان عن تشكيل الاتحاد عام 1989 ويضم إلى جانب الجزائر كلًا من ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا. لا شك أن المرور إلى الخطوة التالية بعد التحول الحاصل في المواقف بين المغرب والجزائر يفترض الكثير من الجرأة والإرادة السياسية ولكن أيضا الكثير من الصدق حتى تكتمل النوايا.. والأكيد أن القضايا الخلافية المتعلقة بالصحراء الغربية ليست قدرا والأكيد أن تجاوز الملفات العالقة يكون بالأمر الهين وقد يستوجب الكثير من الصبر والجهد ولكن الأكيد أن إعادة فتح المعابر بين البلدين مسألة أهم وأكبر من كل الخلافات بين شعبين جمعتهما الجغرافيا ولكن أيضا جمعتهما وحدة الجذور والانتماء والهوية واللغة ووحدة المصير.. في تعليق له بعد صدور دعوة العاهل المغربي قال الرئيس الباجي قائد السبسي انه يثمن دعوة المغرب ويتطلع إلى اتحاد مغاربي يجمع دول المنطقة وهو ما أن يكون لتونس دور أساسي في الدفع إلى الاستثمار في هذا التحول في المواقف بين الجار المغربي والجزائري والذي لا يمكن إلا أن يكون موعدا تتطلع إليه شعوب المنطقة باتجاه تفعيل مصالحها المشتركة وخلف مزيد الافاق للأجيال الصاعدة فيها ولكن وهذا الأهم باتجاه تجنيب دول المنطقة مزيد الانشقاقات والانقسامات التي يمكن أن تدفع باتجاه استعادة ليبيا موقعها في المنطقة وسحب البساط تحت أقدام كل محاولات التدخل في الملف الليبي.. حتى الآن تبقى الدعوة المغربية خطوة أولى مهمة ويبقى الموقف الجزائري نقلة أساسية من شأنها أن تضاعف مسؤولية الأمين العام للاتحاد المغاربي وتجعله أمام أول اختبار لتفعيل قدراته على المناورة وتأكيد إتقانه فنون الديبلوماسية في أحد الملفات العربية والإفريقية والمغاربية التي لا يستهان بها..