المنظمة التونسية للأطباء الشبان تعبر عن رفضها لسياسة "المماطلة والتجاهل"    الحماية المدنية: 590 تدخلا منها 169 للنجدة والإسعاف على الطرقات خلال ال24 ساعة الماضية    وزير التجارة يؤكد دور البنوك في تمويل الصادرات على مدار السنة وخاصة التمور وزيت الزيتون    الإتحاد المنستيري: المدير الفني للشبان ينسحب من مهامه    الرابطة الأولى: الترجي الجرجيسي يجدد ثقته في التحكيم التونسي    النادي الإفريقي: فوزي البنزرتي يُنصف "ميلاد" .. ويحرج "الثابتي" .. ويعكس الهجوم على هؤلاء    بعد أكثر من 200 عام..أمريكا تتوقف عن إصدار العملة المعدنية من فئة السنت    عاجل/ غرق قارب مهاجرين قبالة هذه السواحل..وهذه حصيلة الضحايا..    اغتيال مهندس نووي مصري ب13 طلقة وسط الشارع في الإسكندرية    من ضحايا مجمع قابس..نقل تلميذ أُصيب بشلل إلى مستشفى بالعاصمة..#خبر_عاجل    التجهيز تتحرّك قبل الشتاء: جهر وديان وتنظيف الأحواض باش ما نغرقوش    هام/ ترويج وتمويل صادرات زيت الزيتون والتمور محور اجتماع تحت إشراف وزير التجارة..    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    العاصمة: السجن لموظف بقباضة مالية استولى على أموال عمومية    طقس اليوم: ضباب محلي والحرارة بين 21 و27 درجة    عاجل/ 4 فتيات يعتدين على تلميذة..وهذا ما قرره القضاء في حقهن..    لافروف: أوروبا تتأهب لحرب كبرى ضد روسيا    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    وزيرة المالية: عودة الانتداب في سنة 2026 وتسوية آلاف الوضعيات الوظيفية    ترامب يوقّع قانونا ينهي أطول إغلاق حكومي في تاريخ أمريكا    ترامب يخرج على البروتوكول ويسأل الشرع عن عدد زوجاته لتقديم الهدايا لهن    وزير الفلاحة يؤكّد الالتزام بمزيد دعم قطاع الغابات وإرساء منظومة حماية متكاملة    تصالح أيمن دحمان مع الحكم فرج عبد اللاوي قبل مباراة تونس وموريتانيا    الإحتفاظ بأربع فتيات سلبن تلميذة وعنّفنها حدّ الإغماء    عاجل: ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض: وفاء محجوب تهدي تونس ميدالية فضية في الكاراتي    انتقال رئاسة النجم الساحلي الى فؤاد قاسم بعد استقالة زبير بية    توقيع برنامج تعاون ثنائي بين وزارة الشؤون الثقافية ووزارة الثقافة الرومانية    في ذكرى وفاة عبد القادر بن الحاج عامر الخبو    أولا وأخيرا .. على أكل الحشيش نعيش    في بيت الرواية بمدينة الثقافة .. .جلسة أدبية حول «تعالق الشعر بالسرد»    بنزرت: يوم إعلامي حول السّجل الوطني للمؤسسات    المهدية: مواد خطيرة وحملة وطنية لمنع استعمالها: طلاء الأظافر الاصطناعية و«الكيراتين» مسرطنة    استماعات بخصوص مشروع قانون المالية    أنس بن سعيد تتألّق في "ذو فويس" وتعيد للأغنية التونسية بريقها    الليلة: سحب قليلة والحرارة بين 10 درجات و15 درجة    العجز التجاري لتونس يبلغ 18,435.8 مليون دينار مع موفى أكتوبر 2025    مشروع السدّ يتحرّك: مفاوضات جديدة لإنهاء ملف انتزاع الأراضي بجندوبة!    مجلس الجهات والأقاليم ينتدب في هذه الخطط الإدارية..#خبر_عاجل    سليانة: انطلاق مهرجان "نظرة ما" في دورتها الثانية    مباراة تونس وموريتانيا الودية : وقتاش و القناة الناقلة ؟    مدير المركز الوطني لنقل الدم: هدفنا بلوغ 290 ألف تبرّع سنوي لتلبية حاجيات البلاد من الدم ومشتقاته دون ضغوط    عاجل/ انشاء هيكل جديد لتنظيم قطاع القهوة في تونس    عاجل: 8 سنين حبس لفتاة تروّج في المخدّرات قدّام مدرسة في الجبل الأحمر!    "ضعي روحك على يدك وامشي" فيلم وثائقي للمخرجة زبيدة فارسي يفتتح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان بتونس    تحطم طائرة شحن تركية يودي بحياة 20 جندياً...شنيا الحكاية؟    ليوما الفجر.. قمر التربيع الأخير ضوي السما!...شوفوا حكايتوا    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    توغاي يغادر تربص المنتخب الجزائري...علاش ؟    اسباب ''الشرقة'' المتكررة..حاجات ماكش باش تتوقعها    خطير: تقارير تكشف عن آثار جانبية لهذا العصير..يضر النساء    تحذير عاجل: الولايات المتحدة تسحب حليب أطفال بعد رصد بكتيريا خطيرة في المنتج    تقديرا لإسهاماته في تطوير البحث العلمي العربي : تكريم المؤرخ التونسي عبد الجليل التميمي في الإمارات بحضور كوكبة من أهل الفكر والثقافة    الشرع يجيب على سؤال: ماذا تقول لمن يتساءل عن كيفية رفع العقوبات عنك وأنت قاتلت ضد أمريكا؟    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بسبب التهريب والتوريد وغياب الجرأة عند الحكومة.. الصناعة التونسية «معطّبة»
نشر في الشروق يوم 28 - 11 - 2018

لا يمكن ان نتحدث عن نمو في اي دولة وصنع للثروة بما يستجيب لتطلعات شعبها ما لم تكن صناعتها منتعشة خاصة انها تعتبر مكونا اساسيا لنجاح القطاعات الاخرى من فلاحة وخدمات وغيرها.
من هنا فان الصناعة تسهمُ في تطوّر الدولة ورفع ناتجِها القوميّ واقتصادها ونموّها فاين واقع الصناعة التونسية من كل هذا ؟ وهل هي على وضع يتيح لها ان تكون احد اهم روافد الناتج المحلي وصانعة مهمة للثروة والنمو وقاطرة قوية للتشغيل؟
ثمار جهود سنوات
تشكل الصناعة في تونس 28 بالمائة من الناتج المحلي كما انها تشغل ما نسبته 34 بالمائة من الطبقة النشيطة وتضم الصناعة التونسيّة عدة قطاعاتٍ هي الصناعات المعمليّة بمفهومها الواسع من نسيج وصناعات غذائية وغيرها وغير المعمليّة وهي المناجم والتنقيب عن النفط والأشغال العامّة. وكانت تونس من ضمن البلدان الاوائل والقليلة السائرة فى طريق النمو التي انخرطت مبكرا فى مسار التصنيع ولا سيما من خلال اصدار قانون 1972 الشهير لتجد نفسها اليوم فى مواجهة تهديدات جدية توشك على التاثير على مكتسبات تحققت بمجهودات التونسيين الثابتة والمتواصلة والمبذولة لما يزيد عن نصف قرن اذ منذ سنوات يبذل القطاع الصناعي في تونس جهوداً ضخمة لزيادة نموه رغم ما شهدته بلادنا من اضطرابات اجتماعيّة واقتصاديّة. وقد توفقت تونس نسبيا في اعادة هيكة اقتصادها ليتخلص وان بنسبة ضعيفة من هيمنة الفلاحة عليه منذ استقلالها وحتى الستينات لتنجح فى ارساء مناخ ملائم لتنمية الانشطة الصناعية التى تنوعت تدريجيا لتشمل مجالات اصبحت اليوم تقليدية مثل النسيج والجلود والاحذية وحتى الصناعات الميكانيكية والكهربائية والالكترونية وايضا قطاعات متطورة تكنولوجيا مثل تكنولوجيات الاتصال الحديثة والصناعات الفضائية وصناعة مكونات الطائرات وغيرها من الانشطة المتطورة.
صناعة بلا تصنيع
الا ان تلك الجهود لم تصنع ربيع الصناعة التونسية لما شهدته البلاد من اغلاق لعديد المصانع لابوابها لتتحول الى مستوردة للمنتوجات فيما تتخلى استثمارات ضخمة عن عملية الانتاج لفائدة توزيع المنتجات المتاتية فى اغلبها من الخارج لتتخلى الصناعة عن دورها الحقيقي وهو التصنيع وهو ما يعني انها تعيش ظرفا صعبا بل مهدد لمستقبلها وديمومة مؤسسات القطاع .. وبدأت هذه التهديدات مع بداية القرن الجديد حين شرعت الحكومة انذاك في اقرار خطط مفروضة عليها في نطاق مساومات سياسية برفع الحواجز الجمركية عن كل المواد الاستهلاكية الموردة والتى تعمقت حدتها خلال السنوات الخمس الاخيرة فى ظل غياب اجراءات ملائمة للمواكبة والمتابعة تمكن من الاحترام الدقيق لقواعد المنافسة الشريفة بهدف حماية النسيج الانتاجى والصناعى للبلاد من التوريد العشوائى والمفرط الناجم عن ممارسات الاغراق وعدم احترام معايير الجودة والسلامة. وهو ما كان له تهديدات مباشرة على المنتجات التونسىة وعلى علامة «صنع فى تونس» وقلصت من القيمة المضافة للصناعة وعطلتها عن دورها في خلق الثروة الحقيقية والتشغيل والتنمية الجهوية والتكامل بين القطاعات والبحث والتجديد والتوازنات التجارية والمالية للبلاد وعمقها توججها نحو التداين بعد تقلص مداخيلها من العملة الصعبة التي تراجعت بمفعول تراجع التصدير وايضا بسبب التوجه نحو التوريد المفرط الذي دخل مرحلة العشوائية بامتياز ليكون ضرره مضاعفا على مستوى مدخرات البلاد من العملة الصعبة وايضا بالقضاء على ديمومة المؤسسات ما ادى بالعديد منها الى الغلق لعدم قدرتها على منافسة المنتجات الموردة من ناحية الثمن وليس من ناحية الجودة ففانعدمت لديها خطط التطوير وتحسين شروط الجودة لها لتصبج بالكاد تكافح للحفاظ على وجودها وعلى مواطن الشغل بها.
انعدام استراتيجيا تطويرية من الحكومة
معااة الصناعة التونسية انطلقت منذ سنة 2000 لتبني الحكومة مبدا العولمة من الناحية الاقتصادية دون ان تتوفر للدولة اي قدرات على تاهيل مؤسساتها واعانة القطاع الخاص الى ان يكون في مستوى المنافسة مع المؤسسات الاجنبية التي فتحت ابواب مطاراتنا وموانئنا امام منتجاتها بلا اي قيود بدعوى الانخراط في اتفاقيات التجارة العالمية والشراكات مع الاتحاد الاوروبي او مع دول اخرى فلم تهتم الحكومة باعتماد منظومة تعليم وتكوين ملائمة وبذل مجهودات اكبر فى ميدان البحث والتحكم فى التكنولوجيا علاوة على النهوض بشراكات جديدة سواء بالتوجه نحو افريقيا او القوى الناهضة في اسيا والتي من الممكن جدا ان نقيم معها راكات تراعي مصالحنا افضل من تلك التي نقيمها مع الاتحاد الاوروبي وخاصة فرنسا .. كما ان الدولة لم تعمل على توفير الارضية الملائءمة للاستثمار من خلال تهيئة المناطق الصناعية وتقريبها من الموانئ والمطارات او بحسن توزيع هذه العوامل اللوجستية المهمة حسب قدراتنا الصناعية والفلاحية وليس حسب قدراتنا السياحية لتضيع المليارات فلا استفدنا من هنا ولا ربحنا من هناك لان السياحة على اهميتها لا يمكن التعويل عليها بطريقة اكبر من الصناعة او الفلاحة فهما الباقيتان اما السياحة فيكفي ان يتعثر سائح نف تونس كوجهة غير محبذة وهذا ما عانينا منه طوال السنوات الاخرى رغم التنازلات المجحفة التي قدمنها لوكالات الاسفار العالمية. وفي ظل ذلك التوجه «السياحي» لم تتوفر مناطق صناعية تستجيب للمعايير المطلوبة اضافة الى بطء التمويل او انعدامه خاصة بالنسبة للمؤسات الصغرى والمتوسطة الى جانب تخلف اللوجستيك وبيروقراطية الديوانة والاجراءات الادارية ومختلف العوائق التى تواجه التصدير.
سياسة النعامة
منذ سنوات ونحن نستمع الى كلام جميل منمق حول ضرورة ايلاء قطاع الصناعة ما يستحقه من اهتمام وبحت اصوات الخبراء وهم يدعون الى ضرورة اقرار جملة من الاصلاحات المستعجلة والى سرعة تنفيذها اهمها وضع حد للاقتصاد الموازى والتهريب اللذين دمرت الاقتصاد الوطني وتغولا حتى استحوذا على ما يزيد من 55 بالمائة من مجمل المعاملات ودعا الجميع الى الانكباب على العمل والتحلى بسلوك المواطنة والمسؤولية للتخفيض من الاحتجاجات والتعطيل المتواتر للعمل سواء بالمصانع او بالمناجم او بالموانئ وغيرها لكن كل الصيحات كانت في واد غير ذي ناس ولم تلق الاعتمام المطلوب كما افتقدت الحكومة الى الجرأة لمعالجة المشاكل والعراقيل الحقيقية التي تمنع من توفير مناخ ملائم للاستثمار رغم ان تونس في حاجة الى العديد من القرارات الشجاعة والجريئة للارتقاء بالقطاع الصناعي لعل اهمها ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير التمويل وتحسين شروطه وانتهاج سياسة جبائية تشجع على الاستثمار ولا تضيّق على المؤسسة والسعي الى دعم التجديد ومواكبة التكنولوجيا والمراهنة على المعرفة وتفعيل منظومة اصلاح منظومة التكوين المهني، حتّى تتلاءم مع متطلبات المؤسسات الصغرى والمتوسطة خاصة.
كل تلك المعوقات والصعوبات لم «ترض» القائمين على المسؤولين في تونس لتقرر شركة الكهرباء والغاز بلا سابق انذار زيادة ب13 بالمائة في منتجاتها على المؤسسات لتزيد كلفة الانتاج ارتفاع بسبب الأسعار الباهضة للمواد الأولية التي تورد بالعملة الصعبة في وقت انهار فيه سعر الدينار وهذا لن لا يدخل الا في اطار رش الملح على جراح تنافسية المؤسسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.