في مجتمعنا التونسي أثرت الثورة في مختلف طبقاته فتحملت جميع الشرائح الاجتماعية أعباء الأخطاء والزلات الاقتصادية والسياسية، حيث فرضت في هاته السنوات العجاف المزيد من الضرائب على الكادحين فازداد الفقراء فقرا، ولم يسلم من سلبياتها اصحاب الثروة من رجال الاعمال والذين كان لهم دور في خلق الثروة فتحملوا تبعاتها وعانوا من مخلفاتها من اضرابات وطلبات اجتماعية متكررة وضرائب مجحفة وادارة متخلفة كبلت الانتاج وتسببت في اضعافه وأثرت على المؤسسة الاقتصادية واخلت بتوازناتها واهلكتها واعدمت امكانية المنافسة لديها، ان الثورة التي مرت بها تونس هي من اغرب الثورات، ثورة تسببت في القضاء على الثروة. نلاحظ ان في تاريخ البشرية في فترات تاريخية معينة حيث كان هناك انتفاضات أو تمرد من ضحايا الظلم والجوع، وكانت الغاية من هاته الثورات حل بعض المشاكل المعيشية وطلبا للحرية ومرت بنا ثورة قيل لنا انها ثورة كرامة وحرية وتحققت الحرية وغابت الكرامة فأي كرامة لشخص جائع، ان المطالب الاجتماعية لها من الاهمية بمكان فلا يمكنك ان تحدث جائعا عن الحرية والظلم، حتى وان وجد الحرية فانه سيثور ضد الفقر والاحتياج هناك ثورة وثورة فعالمنا الحالي تميز عن العوالم السابقة بثورة في مجالات عدة هناك ثورة الاتصالات، ثورة المعلومات، ثورة الوسائط فاين نحن من هذا التطور لمذ ا لا تكون ثورتنا ثورة تقدم وابداع تخلق الثروة ولكن هل الجوع يخلق ثورات ابداعية فكيف يمكن ان يفكر ويبدع الجائع. ان كانت الغاية من الثورة هي الحرية والرغبة الاخلاقية في بناء نظام ديمقراطي يكون الحق والقانون هو الاساس، فان بناء وانجاح الثورة الحقيقية شاق وصعب ولكي تنجح الثورة كان لابد من الحرص على احترام الناس بتوفير الحق في العيش الكريم بتوفير العمل والانتاج وتعريف الشعب بواجباته وحقوقه تجاه الدولة واخراجه من حالة اللامبالاة الى حالة المشاركة الايجابية كما يجب على الدولة بسط العدل فالعدل اساس العمران والتركيز على تكوين الشباب وتربيته وتعليمه وفق برنامج مدروس وهادف يصل به الى ثورة علمية تكرس لخدمة الوطن وتقدمه مع العلم ان حرية التعبير وتحرير العقل امر مهم يقود الى الابداع والتألق ، كان على الدولة اصلاح اجهزتها من اجل احترام حقوق المواطن والحرص على تركيز برنامج اقتصادي يقلع بالبلاد من حالة الركود والجمود لقد مرت على ثورتنا سبع سنوات مرت بنا عديد الهزات والمفاجآت فهل مازالت هناك ثروة بعد هذا الوضع الاقتصادي المرير الذي تمر به البلاد. لقد افسدت الثورة الصراع على المصالح الضيقة لبعض الاشخاص من جهة والتشدد الديني بين التحليل والتحريم من جهة اخرى حيث تسبب ذلك في فوضى ادت الى ازمة اقتصادية اضرت بالأمة فهل ننجح في بناء وطننا بثورة الابداع والعمل لخلق الثروة. لقد حان الوقت ان نفكر في المستقبل فلابد من القيام بثورة في عقولنا ثورة تشمل العلم والمعرفة لنصبح قادرين على التقدم والتطور وللوصول الى ذلك لا بد ان نبدأ بتغير جدي في منظومة التعليم ونشر المعرفة على نطاق واسع وتشجيع البحث العلمي والانتقال من مرحلة الاستهلاك العلمي الى المساهمة العلمية بترك بصماتنا في الحضارة الإنسانية. ان مستقبل الأجيال القادمة في اعناقنا وعلينا ان نفكر جديا بثورة في الاخلاق لان بناء اخلاق الشعوب اهم من بناء المؤسسات فتدني الاخلاق بعد الثورات يستحق الدرس والإصلاح ان تغيير الأنماط السلوكية يحتاج جهدا وفيرا، وهنا للدولة والمجتمع دور كبير في تأصيل الاخلاق الحميدة من اجل بناء الأجيال. بالعلم والأخلاق تبنى الأمم وتستمر وتبدع فهاته العلاقة المتشابكة هي المحرك الحيوي لرقي الأمم فالأخلاق تساهم في توجيه التعليم الى ما فيه صالح البشرية. ان العلم بدون اخلاق كارثة على البشرية كما ان الاخلاق بدون علم تجعل الانسان يكتسب أي فكرة خطرة يلبسها جبة الاخلاق وما" الدواعش " في عصرنا الحالي خير مثال على ذلك.