أكد القاضي رافع بن عاشور ان المحكمة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب تعمل في كنف الاستقلالية و الحياد ولا يمكن للأمور السياسية ان تتدخل في عملها. تونس الشروق واضاف في حوار مع «الشروق» بمناسبة انعقاد الدورة ال51 للمحكمة الافريقية بتونس لاول مرة انه سبق للمحكمة ان أصدرت 3 أحكام ضد تنزانيا، الدولة المضيفة لمقر المحكمة مما يؤكد استقلاليتها. وفي ما يلى نص الحوار: كيف بدأت فكرة تأسيس المحكمة الافريقية؟ تاسست المحكمة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب بمقتضى بروتوكول وقع اعتماده سنة 1998 و قبل ذلك التاريخ النطاق الافريقي لحقوق الانسان و الشعوب كان لا يتضمن محكمة بل كان قائما فقط على لجنة افريقية لحقوق الانسان والشعوب لا تصدر قرارات ملزمة و تصدر توصيات. وهذا النظام انتقد كثيرا حتى اقتنع المسؤولون الافارقة بضرورة تعزيز النظام القانوني لحماية حقوق الانسان في افريقيا بمحكمة مثلما هو الشان في اوروبا مع المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان وفي القارة الامريكية مع المحكمة الامريكية لحقوق الانسان. وتم اعتماد البروتوكول سنة 1998 و دخل حيز النفاذ سنة 2004 و انتخب اول القضاة بالمحكمة سنة 2006 وأشير الى أن المحكمة لم تبدا في العمل الفعلي الا في 2006. ماهي مهام المحكمة اذن ؟ تكمن المهمة الاساسية للمحكمة في تطبيق الميثاق الافريقي لحقوق الانسان و الشعوب الذي اعتمد سنة 1981 و كذلك يمكنها ان تستند على بقية المواثيق الدولية او الافريقية بشرط ان تكون الدولة المعنية في القضية قد صادقت على هذه المواثيق و لذلك نرى في كثير من الاحيان ان المحكمة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب تعتمد على الميثاق الافريقي لحقوق الانسان و يمكنها مثلا اعتماد العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية للامم المتحدة او العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية المحكمة تعنى اساسا بحقوق الانسان و الشعوب فكيف تقيمون اوضاع حقوق الانسان في القارة الافريقية؟ المحكمة الافريقية هي محكمة حديثة العهد اي ليس لها تاريخ كبير و منذ بعثها تحاول تعزيز المنظومة الافريقية و التصدي للاخلالات بحقوق الانسان من طرف الدول التي ترفع ضدها القضايا والمنظومة الافريقية لحقوق الانسان هي منظومة متكاملة فيها الجانب القضائي و الجانب شبه القضائي ويوجد ايضا اللجنة الافريقية ولجنة الخبراء لحقوق الطفل وكلاهما يساهم في عمل المحكمة. واود التوضيح انه بالنسبة للمحكمة فهي تحاول دراسة القضايا بكل نزاهة و حيادية و مهمتها هي ان تجري مقارنة بين الافعال التي هي موضوع الدعوى و مدى ملاءمتها او مطابقتها لمقتضيات الميثاق الافريقي لحقوق الانسان او المواثيق الاخرى. فعمل المحكمة هو عمل قضائي بحت و ليس بعمل نضالي او عمل تحسيسي و هي تصدر احكاما نافذة و لها قوة اتصال القضاء. ماهي المشاكل التي تواجه عمل المحكمة ؟ طبعا ككل محكمة لها العديد من المشاكل سواء المشاكل المتعلقة بالقضية نفسها او المشاكل المتعلقة بالموارد البشرية و المالية الموضوعة على ذمة المحكمة. ومن اهم المشاكل التي نواجهها كأي محكمة دولية هي مسالة تطبيق الاحكام التي تصدرها ضد الدول اذ ان نسبة تطبيق الاحكام ضعيفة و غير مشجعة رغم ان المحكمة لها الية لحث الدول على تطبيق الاحكام حيث من واجبها كل 6 اشهر ان تمد الاتحاد الافريقي بتقرير تنبه فيه الدولة التي لم تستجب للحكم الصادر ضدها. لكن الاتحاد الافريقي الى حد الان لم يتخذ اجراءات صارمة ضد الدول المعنية فيمكن ان نقول ان من جملة ال50 حكما التي اصدرتها المحكمة طبق بحذافيره حكمان فقط من طرف بوركينا فاسو. اما بقية الاحكام فقد نفذ اغلبها جزئيا و لم ينفذ في اجزاء اخرى من قبل الدول المعنية على غرار جمهورية تنزانيا و كينيا و الكوت ديفوار و هذا ما نطالب به دائما الاتحاد الافريقي ليسلط الضغط الضروري على الدول لتطبيق الاحكام و اتخاذ الاجراءات اللازمة. وهل يؤثر عدم مصادقة عدد من اعضاء الاتحاد الافريقي على فعالية عمل المحكمة ؟ فعلا هناك تقريبا ثلث الدول الافريقية لم تصادق الى اليوم على البروتوكول المحدث للمحكمة اذ صادقت عليه 30 دولة فقط. و هناك 9 دول من بين ال30 دولة قاموا باعلان الذي تقبل بمقتضاه الدولة الافراد و المنظمات غير الحكومية التي لها صفة الملاحظ لدى اللجنة الافريقية لحقوق الانسان و الشعوب ان تتقدم بقضايا و في الحالتين العدد يبقى ضئيلا. ومن التحديات المطروحة امام المحكمة هو ان يقع المصادقة على البروتوكول من قبل بقية الدول ال25. بعض الدول الافريقية تخوض حربا ضد الارهاب و تواجه انتهاكات لحقوق الانسان فكيف ترون التوازن بين الحرب ضد الارهاب و ضمان حقوق الانسان ؟ اود التوضيح ان المحكمة تنظر في القضايا قضية بقضية و مهمتنا الاساسية ضمان حقوق الانسان و اذا لاحظنا ان دولة خرقت الحقوق فنصرح بذلك و اذا تبين لنا العكس نرفض الدعوى. لكن المحكمة في العموم لا تصدر بيانات ذات صبغة سياسية او بيانات استنكار وهي ككل محكمة يفترض فيها الاستقلالية و الحياد التام حول كل المسائل. هل واجهتم تدخلات سياسية في قضية معينة ؟ و هل يمكن للمحكمة ان تتاثر بذلك؟ ابدا .. لا يوجد اي تدخل سياسي في عملنا و لم نتعرض لضغوطات علما و ان المحكمة تتكون من 11 قاضيا مشهودا لهم بالكفاءة والاستقلالية في المجال القضائي و حقوق الانسان و بمجرد انتخاب القاضي يكون في حل من كل ارتباط بدولته. ومن ناحية اخرى اذا تقدم شخص او منظمة بقضية ضد دولة ما وكان في تركيبة المحكمة قاض له جنسية تلك الدولة فالقانون يفرض عليه ان يجرح في نفسه و لا يجلس في تلك القضية و هو ما لا يوجد بالمحكمة الاوروبية التي تفرض ان يجلس القاضي صاحب جنسية البلد المرفوعة ضده القضية. كيف تقيمون اعمال الدورة ال51 للمحكمة الافريقية بتونس؟ دورة جيدة تضمنت عملا كبيرا و مضن و المحكمة ستصدر عددا من القرارات تتراوح بين 5 و 7 قرارات غدا الجمعة في جلسة علنية بمجلس المستشارين سابقا علما وان المداولة في شانها تمت في جلسة سرية وصراحة تونس وفرت للمحكمة كل الظروف و التسهيلات لانجاح الدورة. وأشير الى ان قضاة المحكمة تم استقبالهم من قبل وزير الخارجية وسيتم ايضا استقبالهم من طرف وزير العدل ثم من قبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وهو ما يؤكد اعتناء الدولة التونسية بهذه الدورة و بالمناسبة لا وجود لاي تاثير من الجانب التونسي على القضايا التي تم النظر فيها.