لا أدري لماذا كلما تأملت في واقعنا الراهن وبحثت جاهدا في المسالك الممكنة للإرتقاء به إلى ما هو أفضل، إلا وطفا في مخيالي مفكران من أكبر وأهم من جادت بهم البشرية، وهما العظيمان، "فاغنر" و"نيتشه". فالأول صاغ إبداعاته الموسيقية من رحم تفاعلات الإنسان المتردد بين حضيض واقعه وأفق طموحاته وأحلامه، والثاني سخر فكره للدفاع الشرس عن إرادة هذا الإنسان. حطم "فاغنر" بموسيقاه كل القيود التي تأسر التطلعات الإنسانية وتكبل العقل، أما "نيتشه" فقد قلب "طاولة الأخلاقوية" في وجه المنافقين والإنتهازيين والخونة وباعة ضمائرهم، كلاهما فتح المسالك أمام سلطة الحب والعقل، فأينما طفح الحب إنحسر القمع، وأينما سيطر القمع إضمحل الحب. ألسنا اليوم بحاجة إلى مقاربة "فاغنر" و"نيتشه" للخروج من المأزق الذي تردينا فيه؟ أم أني أحرث في البحر؟