التأمين لغة من الأمن وهو طمأنينة النفس وزوال الخوف وورد تعريف عند بعض الباحثين في التأمين التعاوني بمعنى الضمان لدرء الخسارة، ولم تسبق صياغة تعريف التأمين أو مفهوم له، إلاّ ما كان من بعض الباحثين في التأمين التعاوني، لكن وردت إشادة عامة بالإسلام في تأمينه القائم على الزكاة، وغيرها من الموارد، باسم التكافل الاجتماعي. ويستدل على مشروعية التأمين الإسلامي في بعض الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تدعو وتحث على أعمال البر والخير، كقول الله تعالى {و تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} (المائدة 2) وقوله تعالى {و افعلوا الخير لعلكم تفلحون} (الحج 77). إنّ التأمين الإسلامي يدخل في عموم التعاون على البر الذي أمرنا الله به، لأن البرَّ اسم جامع لأعمال الخير، ولا شك أن تبادل التبرع بين حملة الوثائق الذي يقوم عليه التأمين الإسلامي يمثل وجهاً من وجوه الخير وصورة من صوره. كما أن خلو التأمين الإسلامي من الربا والغرر والجهالة لا ينفي عنه صفة التعاون على الإثم والعدوان الذين نهت عنهما الآية الكريمة. وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو (أي نقص طعامهم وأوشك على النفاد) أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم». فالتأمين الإسلامي يقوم على أساس التعاون والتضامن بين المشتركين فيه لترميم آثار المخاطر التي تصيبهم يمثل صورة تطبيقية لمعنى التعاون الذي أقره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» . وقال صلى الله عليه وسلّم: « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» . وقال صلى الله عليه وسلّم: « والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» . كل هذه الأحاديث النوبية تحث المسلم على إعانة أخيه المسلم مادياً أو معنوياً وتبينّ أنّها من أفضل القربات عند الله سبحانه وتعالى. وإن دفع التعويضات للمتضررين من المشتركين في التأمين الإسلامي يعدُّ تطبيقاً عملياً للتعاون المادي الذي حثت عليه هذه الأحاديث الشريفة. وإن مقاصد الشريعة الإسلامية تقوم على أساس تحقيق مصالح العباد بجلب المنافع لهم ودرء المفاسد عنهم، ولا شك أن التعاون بين المشتركين في التأمين يحقق مصلحتهم لأنه يدفع الضرر عن المتضررين منهم بشكل ينسجم مع النصوص الشرعية في هذا الشأن. على أنّ عدم وجود تلك الصياغة لا يعني عدم وجود النظام ووسائله، فما أكثر الخيرات التي حققها الإسلام للعباد دون أن يكون لها عنوان يشبه عناوين الأنظمة الحديثة. مثل التأمين التكافلي الذي يعرف على أنه تنظيم تعاقدي يهدف إلى تحقيق التعاون بين مجموعة من المشتركين يتعرّضون لخطر واحد أو أخطار معينة، حيث يقوم كلّ منهم بدفع مبلغ مالي على سبيل التبرع يدعى الاشتراك بما يؤدّي إلى تكوين صندوق يسمّى صندوق المشتركين يتمّ من خلاله دفع التعويض لمن يستحقه ويكون هذا الصندوق منفصلا بشكل تامّ عن حسابات مؤسسة التأمين التكافلي الذي يسمى حساب المساهمين. وتقوم مؤسسة التأمين التكافلي بإدارة صندوق المشتركين واستثمار الأموال المتجمعة فيه مقابل عمولة معيّنة بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها. وينفرد التأمين التكافلي بخصائص تميزه عن غيره من أنواع التأمين الأخرى أهماها: اجتماع صفة المؤمن والمؤمن له لكل عضو ، وهذه من أهم الخصائص التي يتميز التأمين التكافلي عن غيره، حيث إن أعضاء هذا التأمين يتبادلون التأمين فيما بينهم، إذ يؤمن بعضهم بعضا، فهم يجمعون بين صفتي في نفس الوقت مؤمنون ومؤمن لهم، واجتماع صفة المؤمن والمؤمن له في شخصية المشتركين جميعا، يجعل الغبن والاستغلال منتفياً، لأن هذه الأموال الموضوعة كأقساط مآلها لدافعيها، وينحصر الهدف في التأمين التكافلي في توفير الخدمات التأمينية للأعضاء على أفضل صورة وبأقل تكلفة ممكنة. وذلك بسبب غياب عنصر الربح وانخفاض تكلفة المصروفات الإدارية وغيرها، فلا يحتاج الأمر إلى وسطاء أو مصروفات أخرى مثل الدعاية والإعلان.