تعيش بلادنا اليوم وضعا سياسيا غير مسبوق بسبب حالة القطيعة المعلنة بين رئيس الجمهورية السيد الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد. وليس في وارد القول التوقّف طويلا عند أسباب هذه القطيعة لأنّها باتت معلومة ولا أيضا التعاطي معها بمنطق الانحياز إلى هذا الطرف أو ذاك لأن تبني هذا المنطق لا يناسب ما تقوم عليه صحيفتنا «الشروق» من بحث حقيقي عن المصلحة الوطنية و من الابتعاد عن الاندفاع وراء معارك لا تخفى خلفياتها الشخصية. إننا لا نخفي تقديرنا للدور التاريخي الذي اضطلع به الرئيس الباجي قائد السبسي في مراحل حساسة من تاريخ تونس... فقد ساهم في النضال ضد الاستعمار وفي بناء الدولة الوطنية وفي النضال من أجل الديمقراطية هذا دون أن ننسى أنه كان وزير الخارجة العربي الوحيد الذي لم تمارس ضدّه الولاياتالمتحدة حق الفيتو في قرار يدين الكيان الصهيوني علاوة على دوره الهام سياسيا منذ 14 جانفي 2011. ولا شك أيضا أن يوسف الشاهد يمثل رمزا للشباب الذي انخرط في الشأن العام من أجل تحقيق تطلعات الشعب التونسي من موقع المسؤولية بل من موقع متقدم بفضل الدعم الكبير الذي حظي به من رئيس الدولة شخصيا. وحالة القطيعة فيها إلى حد كبير مسّ من مصداقية الرجلين لأنها تشير إلى عدم التمكّن من حسن إدارة العلاقة في وجهيها السياسي والإنساني ذلك أن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة تحتكم إلى منطوق الدستور وإلى سياسة واضحة وكذلك إلى أساس أخلاقي قوامه العرفان بالجميل من ناحية وأيضا الحرص على الإحاطة بالشباب وخاصة المراهنة عليه ودعمه لأنه وإن كان من غير المقبول وغير المنطقي أخلاقيا تصديق المزاعم حول وجود مخطط للانقلاب على رئيس الدولة فإنه من غير المقبول ومن غير المنطقي، من منطق التجربة القول إن الباجي قائد السبسي قد أساء الاختيار حين اقترح يوسف الشاهد لرئاسة الحكومة. إنّ المصالحة بين الرجلين من شأنها أن تنزع فتيل التوتّر وأن تساهم في التصدي لحالة الفوضى السائدة وأن تلعب دورا هاما في إعطاء رسائل استقرار حقيقية وأن تبعد كل الانتهازيين والمتربصين شرّا بتونس وبمسار انتقالها الديمقراطي، وما أكثرهم للأسف. وهذه المصالحة ليست ترفا بل هي واجب وطني لأنه حان الوقت اليوم لأن يجنح الجميع بلا استثناء إلى المصالحة عسى أن تكون المصالحة بين مؤسسات الحكم المدخل الأساسي للمصالحة الشاملة على جميع المستويات... مصالحة تساهم في دعم الخيارات الوطنية وفي إعادة المصداقية للطبقة السياسية.