افلت الخلاف الحاصل بين «القصبة» و«قرطاج» من محاولات إنكاره، وأصبح حقيقة تؤكدها تصريحات وتصرفات عمّقت الخلاف بين الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد وجعلت التوتر يتخذ منحا تصاعديا ويقترب من التحوّل الى صراع ومواجهة. تونس الشروق: لم يكن المشهد واضحا الى درجة تمكّنك من الجزم بطبيعة العلاقة التي تربط رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد , إن كانت قد حافظت على الانسجام الذي ميّزها في بداية تولي الشاهد قيادة الحكومة ,أو أنّ طارئا حوّل وجهتها الى الخلاف والتوتّر. ضبابية هذه الضبابية ساهمت في صياغة مقاربات متضاربة ,منها ما يؤكد أن الشاهد، هو «الابن السياسي» للباجي قائد السبسي وأنه لا يُحرك ساكنا الا باستشارته، وتدفع هذه المقاربة في سياق تعويل الباجي على الشاهد وتفضيله حتى على حافظ قائد السبسي. أما المقاربة الثانية فتؤكّد أن أمر الشاهد خرج من يد الباجي ,وأصبح يوسف خصما عنيدا له ,خاصة وانه يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ,وترتكز هذه المقاربة على بعض المؤشرات التي تؤكد انتقال علاقة الباجي بيوسف الشاهد من الانسجام الى البرود الى الخلاف , ويمكن ان تتطور الى صراع مباشر في الأيام القليلة القادمة. تأزم العلاقة الاكيد أن تأزم العلاقة بين القصبة وقرطاج , خرج من مقولات التكذيب التي حرصت رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة على الدفع بها ,كلما تم طرح هذا الموضوع , وأصبح الخلاف بيّنا خاصة مع وجود بعض التلميحات والتصريحات التي تُوثّقه. أولى مؤشرات التصريح بالخلاف ما تضمنه الحوار الاخير لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي لم يتردّد في القول بان الشاهد مطالب بالاستقالة او التوجه للبرلمان وطرح حكومته لنيل الثقة مرة ثانية ,كما أشار الى ان الحكومة الحالية لم تعد «حكومة وحدة وطنية» بل هجرها الجميع ولم يبق في دعمها سوى حركة النهضة، وأكّد أن الشاهد أقال وزير الداخلية الاسبق لطفي براهم بالرغم من أنه طلب منه التريث عندما اقترح عليه الموضوع. الباجي يصرّح الباجي قائد السبسي اعتمد أيضا على منطق التلميح , حيث قال في خطابه الاخير في اختتام الدورة 36 لندوة رؤساء البعثات الدبلوماسية و القنصلية مؤخرا , «رجل السياسة شغله الشاغل الانتخابات القادمة اما رجل الدولة فهو يفكر في الاجيال القادمة» . هذا اللقاء حضره يوسف الشاهد واعتبر العديد من متابعي هذا اللقاء أن كلام الباجي كان موجها بشكل مباشر للشاهد. أما يوسف الشاهد ,فاعتمد على منطق آخر مغاير لما اعتمده رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي , فالشاهد يحرص في كل تدخلاته على الاستشهاد بمقولات الباجي قائد السبسي ,للايحاء بأن العلاقة التي تجمعه برئيس الجمهورية في أحسن حالاته. لكن في المقابل يعتمد الشاهد على منطق المرور بقوة , وهو ما حصل في إقالة وزير الداخلية الاسبق لطفي براهم حيث قرّر الشاهد إقالته بالرغم من أن الباجي قائد السبسي نصحه بالتريث (وفق تصريحات الباجي قائد السبسي ). واعتمد الشاهد على نفس هذا المنطق في ما يتعلق بوزير الداخلية الجديد هشام الفوراتي حيث اكتفى بإعلام الباجي قائد السبسي , وأعلن عن هذا التحوير في الوقت الذي كان فيه الباجي قائد السبسي بصدد الاجتماع بكتلة النداء التي أعرب عدد كبير من نوابها حينها عن رفضهم للتحوير. الشاهد والصيد كما تداولت وسائل اعلامية خبر لقاء يوسف الشاهد برئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد في قصر دار الضيافة، وبالرغم من غياب معطيات دقيقة عن فحوى اللقاء الذي دام اكثر من ساعة إلا أنّ توقيته يتضمن دلالات عدة خاصة وان رئيس الجمهورية طلب من الصيد مؤخرا الالتحاق بفريق مستشاريه. معطيات عدّة أخرجت الخلاف القائم بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد ,إلى العلن وأصبح حقيقة قابلة للتمظهر أكثر في معطيات واقعية أكثر دقة , كما ان الخلاف قابل للتطور أكثر ليصبح قطيعة كلية وصراع مستمر خاصة اذا قرّر الباجي قائد السبسي ويوسف الشاهد الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2019.