تونس (الشروق) تغطية أسماء سحبون قال مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال ندوة صحفية عقدها صباح امس، مرفوقا بالخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي في مقر المنتدى لتقديم رؤية نقدية حول الأوضاع الاجتماعية الحالية ومشروع ميزانية 2019، إنّ تجربة السترات الصفراء في فرنسا لا يمكن سحبها على تونس فهي رغم انها حركة احتجاجية عفوية وغير متوقعة من قبل مختلف الأجهزة وهي تعكس أوضاعا اجتماعية ليس في فرنسا فقط بل في العالم ككل لا يمكن ان تؤدّي الى نفس النتيجة ان حصلت التجربة في تونس. موضحا «فرنسا هي دولة قوية وقادرة على استرجاع أنفاسها ان حصل تخريب او غيره والوضع يختلف في تونس فإذا وصلنا الى مرحلة من الاحتقان والعنف فإن تونس لن تتحمل ذلك وصبر الناس قد ينفد وبالتالي نخاف دخول البلاد في منعرج آخر». كما قال ان تونس بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الحالية في مفترق طرق وان نسبة الفقر في زيادة في البلاد وبلغت مستوى تواجد 300 الف اسرة تحت مستوى خط الفقر او الفقر المدقع وهي انعكاسات للتضخم ولارتفاع الأسعار» وقال أيضا إنّ الصراع السياسي افرز خطابا سياسيا بلغ مرحلة الإسفاف وذلك بطريقة لا تليق بسمعة تونس وان الأوضاع الاجتماعية سواء على المستوى النقابي او على مستوى التحركات الاحتجاجية تشهد مزيدا من الاحتقان «الا ان الحكومة يبدو انها اختارت ترك الأمور تتواصل وتتعطل وتصل الى منتهاها دون تقدير لنتائج هذا التمشي». واعتبر الرمضاني ان البلاد تعيش أوضاعا في طريقها نحو مزيد من الاحتقان وان الخروج من النفق في ظل اوضاعنا الحالية والسياسة الحالية والتوجهات الحالية غير ممكن وهذا أمر يستوجب وقفة تأمل على الأقل حتى نستوعب ما وصلنا اليه في الوقت الحاضر من أزمات متعددة فالأوضاع قد تكون اسوأ مستقبلا» من جهته قال عبد الجليل البدوي ساخرا إنه تحت تأثير الأوضاع التي تعيشها البلاد كاد يغيّر جبته من اقتصادي الى شاعر لنعي هذا الواقع وذلك تعليقا عن العنوان الذي اختاره لتقديم تقريره النقدي لمشروع الميزانية «مشروع ميزانية 2019 الاستمرار في نشر الأوهام الاقتصادية قصد تحقيق الأحلام السياسية». وذكر البدوي ان مشروع الميزانية فيه ميزة وهي انه يخص سنة انتخابية لذلك برزت فيه المهادنة والهدايا لذر الرماد على العيون مبرزا استمرار غياب البعد التنموي والاصلاحي في معالجة الإشكاليات المطروحة ومنها التضخم وانهيار قيمة الدينار وتضخم القطاع الموازي وانهيار المؤسسات العمومية . وأضاف «لا حديث عن كل هذه الازمات في ميزانية 2019 وبالتالي هم يتعاملون مع الازمة الاقتصادية بتزيين المشهد بالمساحيق وليس بالمعالجة الهيكلية للأزمات» واستنكر البدوي استثناء الوظيفة العمومية من الزيادة في الأجور في مشروع الميزانية قائلا «من غير اللائق التصرف بشكل غير لائق إزاء من يقوم بواجبه الضريبي فالحكومة أشرفت على مفاوضات الزيادة في الأجور ثم لم تقررها في مشروع ميزانية 2019 وهذا امر ليس فيه أي منطق وكان سيكون كذلك لو تمتعت الوظيفة العمومية بامتيازات اكثر من غيرها». وبين البدوي ان أزمة المالية العمومية ليس المتسبب فيها أعوان الوظيفة العمومية بل الطبقة السياسية الحاكمة فإحدى مسببات ارتفاع كتلة الأجور من 425 الف دينار سنة 2010 الى حوالي 690 ألف دينار هي الانتدابات والترقيات وما انجر عنها من نفقات إضافية ومنح إضافية وكذلك التعويضات. كما قال إن وضع الميزانية العمومية وتحقيق الانتعاشة الاقتصادية يتطلبان تجنب الصراعات المغشوشة التي تعمل بعض القوى السياسية على تغذيتها رغم ان الصراع الحقيقي هو بين المتسببين في هذه الازمة وضحاياها موجها اصبع الاتهام الى بارونات ولوبيات ومافيات القطاع غير المنظم وخاصة التجارة الموزاية التي أصبحت تمتلك نسبة متصاعدة من الثروة دون أي مساهمة جبائية او اجتماعية بالإضافة الى المتهربين الجبائيين والمهربين للثروة الى الخارج ومحترفي الفساد. واكد ان ما جاء به مشروع ميزانية 2019 هي إجراءات تقليدية قليلة النجاعة كما يدل على ذلك استمرار انهيار كل التوازنات مشيرا الى ان الارتفاع النسبي لنسق النمو المسجل في 2018 كان نتيجة لعوامل طبيعية (موسم فلاحي ممتاز) ولعوامل خارجية (نمو عالمي في النشاط السياحي) وليس نتيجة الإجراءات والسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي ظلت تقليدية وضعيفة المردود.