تونس (الشروق) تحولت معركة المطالَب بين اساتذة التعليم الثانوي ووزارة التربية الى مواجهة مفتوحة قد تؤدي الى ازمة حقيقية في قطاع التربية والتعليم الذي صار عنوانا لازمة كبيرة في تونس. دخول المدرسين في اعتصامات مفتوحة بكل المندوبيات الجهوية منذ أمس الاول يؤكد ان اساتذة الثانوي والجامعة العامة للتعليم الثانوي على استعداد للدخول في التصعيد حتى تحقيق مطالبهم. المواجهة اليوم بين اساتذة الثانوي ووزارة التربية تختلف عن معركة العام الذي مضى حين نجح المدرسين في حجب الإعداد. اليوم المواجهة تبدو اكثر حدة لان جامعة التعليم الثانوي ادركت انها لن تقبل ان تلدغ من الجحر مرتين حيث ً تنازلت ً في العام الماضي وتخلت عن قرار حجب الأعداد لكنها في المقابل لم تتحصل على اي مطلب ووجدت نفسها عرضة لانتقادات قواعدها بل ان الكثير من المدرسين هاجموا جامعة التعليم الثانوي حينها واتهموها بالتخلي عن مطالبهم. مفاوضات دخول المدرسين في اعتصامات مفتوحة بالمندوبيات الجهوية للتعليم يجعل وزارة التربية مطالبة بالتعجيل للوصول الى حل عبر التفاوض حتى لا تتطور المواجهة بشكل يصعب بعده السيطرة عليه. لكن الاكيد اليوم ان التلميذ ليس هو الضحية الوحيدة بل ان كل منظومة التعليم في تونس تحولت الى ضحية ووجب في النهاية إنقاذ نظام التعليم الذي يعاني من سنوات من الانحدار والتدهور. الان الجميع في انتظار عودة الامين العام نورالدين الطبوبي لإنقاذ الموقف والتدخل من اجل فتح التفاوض من جديد وانقاذ السنة الدراسية، فرغم تصريحات الوزير حاتم بن سالم بأن باب التفاوض مفتوح الا ان الامر لم يتعد مجال التصريحات الإعلامية والبيانات التي نعتقد انها زادت من توتير الوضع بشكل كبير. ويرى المراقبون ان الطبوبي بثقله المعنوي الكبير وقدرته على الخروج من الأزمات قادر على إنقاذ الموقف والدفع نحو عودة التفاوض من جديد مع الوزارة ذلك ان الامين العام نورالدين الطبوبي يدرك الان ان تمسك المدرسين بمطالبهم وتحركهم بهذا الشكل التصعيدي قد يؤدي الى ازمة خطيرة. مطالب والطبوبي الذي اعلن ان مطالب المدرسين مطالب مشروعة طالب الحكومة باحترام الاتفاقيات وتطبيق ما أمضت عليه مؤكدا ان المركزية النقابية تتمسك بالتفاوض للوصول الى حل يكون في صالح كل الاطراف. على وزارة التربية ان تدرك وبشكل قطعي ان المواجهة مع المدرسين لن تكون في صالحها خاصة اذا طالت ًالازمة فكل المدرسين الان مثلهم مثل كل الموطنين التونسيين يعانون من تدهور كبير في المقدرة الشرائية ومن غلاء الاسعار ومن عدم توفر ظروف ووسائل العمل وهي كلها عوامل أدت الى حالة من الاحتقان الاجتماعي والتوتر وقد تقود البلاد الى ازمة عميقة في ظل ارتفاع نسبة الفقر وعدد المهمشين وازدياد عدد العاطلين خاصة من خريجي الجامعات. أزمة التعليم في عمقها هي ازمة مجتمع كامل وليس فقط ازمة بين المدرسين والوزارة.