بعد لقاء رئيس الحكومة وأمين عام اتحاد الشغل، تحدث متابعون عن ظهور بوادر تهدئة بين الطرفين بعد موجة التململ التي سادت علاقتهما طوال الأشهر الأخيرة. وأثرت بشكل سلبي على الوضع العام في البلاد. تونس الشروق – اتجهت الانظار أول أمس الى لقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد بأمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي بالنظر الى ما شهدته علاقة الطرفين في الفترة الأخيرة من تقلبات بلغت حد تبادل الاتهامات والانتقادات. اللقاء الذي حضره وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي تعرض الى الوضع العام بالبلاد والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فضلا على التطرق لمشروع قانون المالية لسنة 2019 والضغوطات التي تواجهها المالية العمومية وملف المفاوضات الاجتماعية وملف القدرة الشرائية للطبقات الضعيفة والمتوسطة. علاقة متقلبة طوال الأشهر الماضية ظلت لغة الحوار بين الطرفين مفقودة في ظل تمسك كل منهما بالذهاب بعيدا في ما اتخذه من قرارات ومواقف دون تقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية.. فاتحاد الشغل دعا منذ أشهر إلى وضع حد لحكومة الشاهد. واعتبرها سببا رئيسيا في ما بلغته البلاد من وضع اقتصادي واجتماعي صعب. وأصبح يُلوّح بتنفيذ إضرابات في عدة قطاعات وصولا الى الاضراب العام في صورة تواصل الوضع على ما هو عليه في ملفات الزيادة في الأجور وارتفاع الأسعار والتداين الخارجي والتهرب الضريبي والاقتصاد المُوازي.. وفي المقابل وجهت الحكومة اتهامات عديدة الى المنظمة الشغيلة بعرقلة عملها عبر الاضرابات وبعدم مساعدتها على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة. ودعته الى عدم التدخل في عملها. المواطن دفع الثمن هذه الصراعات خلقت لدى التونسيين حالة من المخاوف في ظل ثقل وزني الطرفين في المشهد العام. فعديد المتابعين اعتبروا أن مساعي كل طرف هي تصفية حساباته مع الطرف الآخر طوال الفترة الماضية دفع ثمنه المواطن الذي لم يستفد في شيء من المعركة الدائرة منذ أكثر من 6 أشهر. فما قامت من أجله المعركة لم يشهد أي تحسن. بل بالعكس تفاقم نحو الأسوإ بسبب تمسك كل طرف بمواقفه وعدم تقديم تنازلات. حيث تواصل ضعف الأجور وتدهور المقدرة الشرائية والتهاب الأسعار وارتفاع نسبة التداين الخارجي للدولة وغياب الاصلاحات بالتوازي مع تواصل تعطيل مصالح المواطنين بسبب الاضرابات في قطاعات حساسة كالصحة والتعليم والنقل. وهو ما خلق احتقانا اجتماعيا كبيرا.. ربح وخسارة بعد لقاء الطرفين، ذهب البعض الى حد تأويله استنادا الى منطق «الربح والخسارة» بين قائل إن الشاهد رضخ خلال اللقاء لضغوطات الاتحاد. فخرج من معركة الفترة الماضية خاسرا، ومن اعتبر أنه كسب ورقة التهدئة معه للفترة القادمة. فخرج بذلك منتصرا غير ان تصريحات الطرفين تؤكد أن اللقاء كان خارج منطق الربح والخسارة . فرئيس الحكومة وصف اللقاء بالإيجابي مشيرا إلى أنه تم الاتفاق بين الطرفين على مواصلة التشاور والحوار. والأمين العام المساعد للاتحاد بوعلي المباركي قال إن اللقاء يؤكد أن الاتحاد يبحث باستمرار عن حلول واتفاقات مع الحكومة لتجنب التوتر والاحتقان مراعاة لمصلحة الوطن. وهو ما يؤكد أن الأمور قد تختلف في الفترة القادمة نحو مرحلة أكثر إيجابية. التزام غير أن كل ذلك لا يجب أن يقف عند مجرد تصريحات إعلامية ووعود. بل يتطلب وفق الملاحظين ترجمته على أرض الواقع ضمانا للتهدئة . فالحكومة مطالبة بتنفيذ التزاماتها تجاه الاتحاد في ما يتعلق بملف الأجور خاصة بعد أن بلغ الوضع الاجتماعي حدا كبيرا من الاحتقان جراء التهاب الاسعار وتدهور المقدرة الشرائية. وهي مطالبة ايضا بإيجاد أرضية تفاهم صلبة مع الاتحاد حول مواقفه من الديون الخارجية للدولة ومن الاملاءات الأجنبية ومن الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة خاصة في مجال المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية والاقتصاد الموازي. وفي المقابل، سيكون الاتحاد مطالبا بأكثر مرونة في التفاوض عبر مراعاة وضعية المالية العمومية وعدم تغليب المصلحة النقابية لبعض الأطراف على المصلحة الوطنية الى جانب الالتزام الاهم. وهو عدم تعطيل مصلحة الدولة عبر الاضرابات العشوائية والمُضرة بالاقتصاد مع العمل على الرفع من الانتاجية والمردودية في القطاعين العام والخاص والدعوة الى تطوير ثقافة العمل والمساهمة بالأفكار والحلول الواقعية في حلحلة مختلف الأزمات..