بعد أن أفلت «موضة» التقرب للمؤسسات المالية الدولية، اليد الطولى لليبرالية اقتصادية متوحشة ولا إنسانية، يشهد العالم اليوم نمطا جديدا من المؤثرين بل والقائمين على شؤون العالم، ونقصد الامبريالية والصهيونية.. لا بل الصهيونية وحدها اليوم التي تستأثر بمراكز المال والأعمال في العالم.. وهي أي الصهيونية متنفذة ليس فقط في المنظمات العالمية والأممية المختصة، بل ونجدها نافذة ومتنفذة في أجهزة اللوبيات الأمريكية من نفط وصناعات استراتيجية إلى التكنولوجيا والاعلام.. والحقيقة، خلق هذا الوضع الجديد، مشهدا فيه المهرولون كُثّر، يستجدون أصحاب وجهات النفوذ الصهيونية، من أجل دعمهم في حملاتهم الانتخابية والسموّ بهم إلى «عرش» الحكم، هذا إذا كنّا بصدد تناول أنظمة ديمقراطية، أما البقية وخاصة في العالم الثالث وتحديدا في الوطن العربي، فإن المشهد أكثر وضوحا وأشدّ إيلاما لشعب فلسطين... كيف؟ هناك من يعتقد وهو خاطئ تماما أن قبلة الصهيونية هي إسرائيل، أي فلسطينالمحتلة.. لكن الحقيقة التي تغيب عن بعضهم هي أن الصهيونية كحركة عنصرية نجدها معشّشة في كل تفاصيل الدولة هنا وهناك.. نجدها أيضا (الصهيونية) متوغّلة في منظمات المجتمع المدني وفي أحزاب، تجدها في الظاهر متناقضة مع الصهيونية وما تفعله في فلسطين وفي الوطن العربي، وفي باطنها نجد مثل هذه الأحزاب تهرول نحو قاتلي شعب فلسطين.. من هذه الفئات نجد الكثير وعبر العالم.. ولعلّ أوروبا التي انبرت التي شعوبها معادية للصهيونية ومعتبرة أن أخطر دولة على الأمن والسلم الدوليين هي إسرائيل، نجدها اليوم (أوروبا) تدفع الثمن.. نفس المشهد نجده يتكرّر في أكثر من مكان، وخاصة لدى من لا يؤمنون بأن الانتخابات النزيهة والشفافة والتي يتمتّع من خلال عملية التصويت والاختيار، كل مواطن بحرّيته الكاملة، فهؤلاء يعتبرون أن تكليفهم ليس عبر صوت المواطن الناخب، وإنما اللوبيات قد تكون الاستخبارات هي التي أمّنت لهم هكذا مسار.. في البلاد العربية، حقيقة، لدينا مشاهد ولوحات من هذا وذاك.. فعندنا المتملّقون علنا للأعداء حيث لا يعتبرونهم أعداء لأوطانهم الصغيرة، فتجدهم يتأفّفون من تداعيات ومتطلبات مناصرة فلسطين القضية، بأن يقولوا: ما شأننا وفلسطين.. «بلادي» أولا... وبالإمكان هنا، وبلا مبالغة، أن نرتّب أي إسم لبلد عربي تطعن فيه هذه الزمرة.. وهناك صنف آخر، يتلوّن كالحرباء بحيث ينطبق عليهم: «قلوبهم معك.. وسيوفهم عليك». نعم، لقد امتلأت ساحات العالم والوطن العربي في المقدمة، بالمهرولين الجدد، الذين يستأذنون من «أسيادهم» أصحاب الفضل على وجودهم السياسي، لقمع وضرب المحتجين حتى وإن كانوا الشعب برمته.. فالخوف ديدنهم، والنفاق سبيلهم.. والدليل أن هناك تعاضد امبريالي صهيوني رجعي يعمل بشتى الطرق من أجل تغيير العناوين، عناوين الأزمات... وكذلك من أجل تمرير صفقة العصر.. وبالمحصلة لن تبقى سوى جريمة العصر التي ترتكبها الصهيونية وأذنابها في حق الانسانية، وستزول صفقة العصر.. لأن المهرولين مهما هرولوا... سيبقون عملاء... لا أكثر ولا أقل...