جلسة ساخنة في البرلمان, انتهت بالمصادقة على مشروع قانون المالية لسنة 2019 , بعد ساعات طويلة من النقد اللاذع للحكومة واتهامها بخدمة مصلحة لوبيات مالية وعائلات متنفذة . تونس الشروق: يعتزم عدد من نواب البرلمان , الطعن في دستورية مشروع قانون المالية لسنة 2019 , بعد ان صادق عليه مجلس نواب الشعب في ساعة متأخرة من يوم الاثنين , ومن المنتظر ان ينطلق النواب في جمع التوقيعات اللازمة الأسبوع الحالي قبل إيداع الطعن لدى الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين الأسبوع القادم . الطعن في دستورية مشروع القانون , يأتي في سياق شديد التوترّ , ميّز سير الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على مشروع القانون , فبعد ان تمت المصادقة على فصلين إضافيين اقترحهما وزير المالية شلغوم ويتعلقان بتخفيض نسبة المعاليم الديوانية المستوجبة على توريد «اللاقطات الشمسية « إلى نسبة 20% ، والثاني يتعلق بتأجيل تطبيق الترفيع في الضريبة الموظفة على الفضاءات التجارية الكبرى من 25% إلى 35% إلى سنة 2020 , دخلت الجلسة العامة في نسق هستيري من تبادل التهم والصراع بين نواب ائتلاف السلطة والمعارضة. بعد المصادقة على الفصلين مكّن رئيس الجلسة العامة محمد الناصر, النواب من التدخل في سياق نقاط نظام قاموا بطلبها , وبلغت اكثر من ثلاثين مداخلة , صبّت معظمها في سياق انتقاد التوجه العام الذي اعتمدته الحكومة في صياغة مشروع قانون المالية , حيث شدّد النواب على أن عددا من فصول مشروع القانون , وخاصة الفصلين الاضافيين , صيغت على مقاس لوبيات مالية تُحكم قبضتها على البرلمان وعلى الحكومة . لوبيات مالية الأمين العام لحركة الشعث و نائبها في البرلمان , زهيّر المغزاوي قال في مداخلته ، أن المعارضة عجزت عن الدفاع عن حقوق الشعب التونسي ، داعيا الشعب إلى الدفاع عن نفسه , واعتبر المغزاوي، أن رئيس الحكومة التونسية ووزير المالية يعمللان لخدمة مصالح لوبيات مالية ، مشيرا إلى أنه يمتلك قائمة إسمية بالمنتفعين من الفصلين الاضافيين اللذين تمت المصادقة عليهما . أما نائب رئيس كتلة الجبهة الشعبية ، الجيلاني الهمامي ، فقد أكد في مداخلته أنه لو حضر مخرج سينمائي أشغال البرلمان ، لتمكّن من إنجاز شريط سينمائي رائع عما يحدث في الكواليس .وأضاف الجيلاني الهمامي ، أن عددا من الوزراء والنواب ورجال الأعمال ، فزعوا للبرلمان لإقناع النواب بالتصويت على الفصلين المتعلقين باللاقطات الشمسية والمساحات التجارية الكبرى . وشدّد الهمّامي ، على أن المدافعين عن هذين الفصلين ، قبضوا مبالغ مالية لتمويل حملاتهم الانتخابية القادمة ، مقابل تمرير الفصلين .أما نائبة الجبهة الشعبية , مباركة عواينية , فقد أشارت في مداخلتها الى ان الحكومة التونسية يتم التحكم فيها من الخارج ومن الداخل .وشدّدت ، في مداخلتها ، على وجود رجال أعمال فاسدين يتجولون في كواليس البرلمان ، عقدوا مؤخرا اجتماعات بعدد من النواب ، و يمكن ان يكونوا قد قاموا بإرشائهم .واستغربت مباركة عواينية ، من رفض الحكومة تمكين العاطلين عن العمل من منحة بطالة ، وقرارها إيقاف الانتداب في الوظيفة العمومية ، ورفض تمويل الصناديق الاجتماعية ، بداعي عدم توفّر الإمكانات المالية ، في حين تقوم بإعفاءات جبائية . التحقيق مع النواب أما نائب حركة نداء تونس حسن العماري ، فقد أكد في كلمته ، أن وزير المالية رضا شلغوم تعرّض لضغط كبير مقابل تمرير الفصلين , وأضاف « سيدي الوزير كنت أتمنى ان لا توضع في هذا الموقف المحرج « وطالب حسن العماري ، رئيس البرلمان ، محمد الناصر ، بفتح تحقيق في كواليس تمرير الفصلين والاطلاع على مكالمات النواب ، للتأكّد من وجود لوبيات مالية دفعت عملية المصادقة .في حين وصف نائب الجبهة الشعبية , نزار عمامي , الحكومة التونسية , «بحومة البورجوازية « , وأشار الى ان تصويت النواب اصبح مرتبطا بعائلات تحكم قبضتها على اقتصاد تونس .واعتبر نزار عمامي ان البرلمان فقد شرعيته , كما استنكرت نائبة كتلة افاق تونس ريم محجوب تخصيص فصل كامل في مشروع قانون المالية لخدمة مصلحة عائلتين تمتلكان فضاءين تجاريين فقط ( كارفور و جيون) معتبرة ان الفصل المتعلق بهذا الاجراء لا منطقي , وشدّدت ريم محجوب على ان مشروع قانون المالية يفتقر للتوجه العام وهو يأتي في سياق خدمة مصالح أناس بعينهم . كتلة النهضة منقسمة التصويت على الفصل الإضافي المتعلق بتاجيل الترفيع في الضريبة الموظفة على المساحات التجارية الكبرى أحدث انقساما داخل كتلة النهضة , فعدد من نوابها صوت ضد الفصل في حين صوت نواب اخرون مع الفصل , وهو ما جعل رئيس الكتلة يجتمع بنوابها لتعديل أوتار التصويت , ثم تدخلت النائبة منية إبراهيم لتقول ان كتلة النهضة تعرضت لخدعة + باعتبار ان وزير المالية لم يمكّن النواب من نسخة مكتوبة من الفصل الإضافي وهو ما احدث خللا في تصويتها . صورة البرلمان أكد رئيس كتلة الولاء للوطن رياض جعيدان ان ما حدث من صراعات بين النواب في الجلسة العامة يؤثر سلبيا على صورة البرلمان , داعيا الى ضرورة المصادقة على مدونة السلوك التي اقترحها منذ فترة , وهي جملة من الفصول التي يتم اضافتها للنظام الداخلي للبرلمان وتحدد عقوبات لكل التجاوزات التي يمكن ان يقوم بها النواب . تحميل الناصر المسؤولية اتهم عدد من نواب الائتلاف الحاكم رئيس الجلسة العامة محمد الناصر بالتسبب في ما الت اليه الأوضاع في الجلسة العامة , بعد ان مكّن عددا كبيرا من النواب من التدخل عبر منحهم نقاط نظام , بعد التصويت على الفصلين وهو ما لم يعتد القيام به.