والعالم يحيي اليوم العالمي للجبال، ربما لم يعرف غالبية التونسيين جبالهم الا بعد ان تحول معظمها الى مرتع للإرهابيين. والحقيقة ان جبالنا ثروة سياحية وبيئية لم نحكم التصرف فيها جيدا الى حد الآن... تونس الشروق/ جغرافيا، تعد تونس البلد الأقل ارتفاعا في منطقة المغرب العربي ذلك ان جبالها هي امتداد ونهاية للأطلسين التلى والصحراوي. ومن الجنوب الى الشمال، تتدرج الجبال التونسية في الانخفاض لتنتهي اما في البحر او في السباسب او في الصحراء او الغابات والواحات. ومثلها في أي مكان آخر في العالم، تشكل الجبال في تونس أهمية كبرى من حيث ما تختزنه من ثروات فكل الأنهار والأودية تنبع من الجبال لذلك فان الموارد المائية في تونس يأتي 90 بالمائة منها من الجبال. كما تكمن أهمية الجبال في الحفاظ على التوازن البيئي من خلال تثبيت الأرض وحماية أنواع عديدة من الحيوانات والنباتات بسبب صعوبة وصول الانسان اليها. كما للجبال التونسية أهمية اقتصادية من حيث الثروة الغابية وإمكانية استغلالها في السياحة وإقامة المخيمات. عرباط وأخواته... ما من جبل تونسي لم يعرف تمركزا للمقاومين التونسيين في زمن الاستعمار الفرنسي الغاشم. وبعد توزع قادة المقاومة جغرافيا إلى خمسة مناطق : - منطقة تونس وبنزرت وتزعم المقاومة فيها خاصة محجوب بن علي وهلال الفرشيشي. - منطقة الكاف: ساسي لسود - منطقة سبيطلة – الروحية : الطاهر لسود. - منطقة الجنوب: مصباح الجربوع - منطقة الوسط: حسن بن عبد العزيز. «بدأت نواة المقاومة المسلحة في التشكل بين 20 جانفي و15 مارس 1952 بمنطقة الأعراض ( حامة قابس) وتحولت تدريجيا لتشمل منطقة شمال وغرب البلاد التونسية نتيجة للقمع العسكري الذي لاقاه المقاومون. كما أن تطور شعبية المقاومة كان نتيجة للزخم ودعم الأهالي لها ماديا عبر التبرع بالمال والممتلكات ولوجستيا: إخفاء المقاومين،و تهريب الأسلحة وإخفائها وتسهيل فرار المطاردين وكذلك مدهم بالغذاء والمؤن والعتاد والمعلومات. انتظم المقاومون في مجموعات صغيرة تمركزت أغلبها بالمناطق الجبلية الوعرة وتم إحصاء 3000 مقاوم سنة 1953 ويمكن حصر أهم عمليات المقاومة بالرغم من أنها بلغت 134 عملية في المجموع بين 1953 و1954: معركة جبل مطير ( بين بني خداش وغمراسن) استعمل فيه الجيش الفرنسي العتاد الثقيل كالطائرات والدبابات فقتل 5 ثوار مقابل العشرات بين جنود فرنسيين ومتعاونين معهم وسقط خلال المعركة مصباح الجربوع جريحا. معركة الغندري بمنطقة كتانة ( ولاية قابس): 07 أكتوبر 1953 قتل فيها 4 من الثوار . معركة جبل عرباطة( قفصة): 9 جوان 1954 وكان الجبل مقرا للمقاومة بجهة الجنوب الغربي قتل خلالها 7 مقاومين. ومثلت سنة 1954 سنة الحسم إذ بلغت المقاومة المسلحة ذروتها فتعددت المواجهات المسلحة وبلغ الشهداء في صفوف المقاومين كالآتي: معركة جبل إشكل: 22 ماي 1954 شهيد واحد. معركة أولاد بوعمران: 05 جوان 1954: 7 شهداء. معركة أبه قصور: 14 جوان 1954: 9 شهداء. جبل هداج: 01 سبتمبر 1954: 12 شهيدا. معركة جبل برقو: 13 سبتمبر 1954 التي انضم خلالها أفراد من الحرس الملكي للمقاومة وسقط خلالها 15 شهيدا وأسر 20 مقاوما. معركة جبل سيدي عيش: 18 سبتمبر 1954: 11 شهيدا. جبل المالوسي: 24 سبتمبر 1954، 8 شهداء. جبل الخشم 01 أكتوبر 1954: 19 شهيدا. جبل قضوم: 08 أكتوبر 1954 : 22 شهيدا. جبل طباقة ( الحامة): 18 أكتوبر 1954: 10 شهداء. جبل سيدي علي أم الزين ( الروحية): 14 أكتوبر 1954: 24 شهيدا. جبل المرفق ( قفصة) : 18 نوفمبر 1954: 20 شهيدا. جبل وسلات: 18 نوفمبر 1954: 12 شهيدا. جبل سيدي عيش: 21 نوفمبر 1954: 33 شهيدا». جبال الظلام... وبعد ان كانت معقلا للمقاومة تحولت الجبال التونسية يعد ثورة 2011 الى وكر للإرهاب والإرهابيين الذين يسيطرون الى حد اليوم على مواقع جبلية خاصة في ولايات الكافوجندوبة والقصرين وسيدي بوزيد وقفصة. وآخر هذه العمليات الإرهابية يعود الى شهر جويلية الفارط لما تعرضت دورية تابعة لفرقة الحدود البرية للحرس الوطني في عين سلطان من ولاية جندوبة على الشريط الحدودي التونسي الجزائري لكمين تمثّل في زرع عبوة ناسفة أسفر عن استشهاد 6 أعوان من الحرس الوطني. وتقوم تكتيكات الجماعات الإرهابية على زرع الألغام في الجبال التونسية في محاولة لمنع القوات العسكرية التونسية من التوغل داخل الجبال وملاحقة المسلحين. وللأسف نجح هذا التكتيك باعتبار الخسائر البشرية الفادحة المسجلة في صفوف قواتنا العسكرية والأمنية. ولم يسلم سكان الجبال من المدنيين من اذى الإرهابيين اذ دوريا يتم قتل تونسيين عزل او خطف النساء ومهاجمة المنازل ومحلات المواد الغذائية للحصول على المؤونة.