لم يعد تزايد منسوب الاحتقان في البلاد خافيا على أحد حتى من كان يحاول إنكار ذلك أو يقلل من حدته فانه اليوم أصبح مدركا تماما لخطورة الأوضاع ودقة المرحلة التي تمر بها البلاد وخاصة على الصعيد الاجتماعي. تونس- الشروق: أطلق نواب المعارضة ليلة التصويت على قانون المالية لسنة 2019 صيحة فزع واعتبروا أنّ هذا القانون سيزيد من حدة التوتر الاجتماعي في البلاد بل وتجاوز عدد منهم ذلك الى مطالبة الشارع التونسي بالتحرك والخروج إلى الشوارع. تشخيص وبعد ولم تقتصر تلك المواقف المنددة او المحذرة من ارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي في البلاد على أحزاب المعارضة فقط وإنما شمل عديد الأصوات من الأطراف الحاكمة اليوم وفي البرلمان خصوصا كان لها نصيبها من توصيف دقة الوضع وخطورته والترويج لمبررات مزيد تعقد الوضع ولعل أهمها التحذير من خطورة الوضع الاجتماعي وفشل سياسات الحكم في التخفيض من التوتر في البلاد. ومن جهة أخرى يمكن ان نلخص مواقف الأحزاب في الاعتراف بخطورة الأوضاع في البلاد دون التحرك لمعالجتها او تقديم الحلول البديلة للوضع الراهن او الخطوات العملية التي يمكن ان تمتص غضب الشارع التونسي وتحول دون حدوث الانفجار وربما هي تعبير عن الاستقالة الحزبية من الشأن العام فكل طرف يرمي المشكل للطرف الآخر ويكتفي اما بتحريض المواطنين او التقليل من خطورة الوضع. وفي هذا السياق فقد استقت الشروق بعض المواقف للاحزاب السياسية والتي يمكن ان تفيد في مثل هذا الوضع المحتقن والذي يزداد فيه الاحتقان بمرور الايام، في هذ الإطار قال القيادي في الجبهة الشعبية ورئيس كتلتها البرلمانية الاستاذ أحمد الصديق ان الحل يكمن في خطوة واحدة. وأوضح الصديق قائلا «هناك حل واحد فقط وهو أن تعترف الحكومة والائتلاف الذي يقف وراءها بفشلهم وبخطإ المسار الذي اختارته وان تتنحى وان يجلس أبناء الوطن الواحد في إطار حواري ليتفقوا على مسألتين رئيسيتين الأولى كيف نضمن الذهاب للانتخابات القادمة بعيدا عن شراء الذمم والضغط على الإعلام واستغلال وسائل الدولة واستكمال تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات واستكمال تركيبة المحكمة الدستورية». وتابع «المسألة الثانية التي لابد من الاتفاق عليها هي اتخاذ إجراءات عاجلة توفر مداخيل هامة للدولة بالذهاب الى أوعية الجباية الحقيقية وهي بطون المستكرشين والمضاربين والثروات الكبرى وبيع الأملاك المصادرة وتوظف معاليم على رقم معاملات لقطاعات يمكنها أن تساهم في حل معضلة المالية العمومية حتى تجد الدولة الموارد اللازمة لإيقاف تدهور معيشة التونسيين في ماعدا هذا التوجه بجانبيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأمور ستواصل التوجه نحو التأزم» ومن جهته اعتبر حزب آفاق تونس أن الحكومة الحالية انتهجت للسنة الثانية على التوالي منهجا خاطئا، عبر تكريس قانون مالية «يهدّد الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعية للبلاد وتمرير مقترحات تستهدف قطاعات بأكملها». غضب مشروع ودعا آفاق تونس في بيان له إلى عدم الابتعاد عن الوسائل السلمية للتعبير عن «غضب مشروع»، مستنكرا بكل شدّة الخيارات والتمشي الذي اعتمدته الحكومة عبر قانون المالية الجديد مضيفا ان"عجز الحكومة هذه السنة، عن الحوار مع قطاعات هامة مثل المحامين والأطباء والخبراء المحاسبين وغيرهم من ممثلي المهن الحرة، جعل من التصويت على قانون المالية لسنة 2019 تشوبه شكوك حول دستورية بعض الفصول ويثير احتراز وغضب القطاعات المعنية». وأضاف أنه «كان بإمكان الحكومة تفادي هذا الوضع في هذه المرحلة من الاحتقان الاجتماعي وفي ظل أزمة اقتصادية ومالية تتحمل الحكومة الحالية مسؤوليتها»، داعيا إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتفادي التصعيد ومزيد الاحتقان حتى يتمكّن التونسيون من استرجاع الثقة في المسار السياسي للبلاد. ومن جانبها قالت القيادية في حركة نداء تونس سميرة الشواشي أن قانون المالية لم يتضمن أي إجراءات اجتماعية بل وردت فيه إجراءات من شأنها إثقال كاهل المواطن. وتابعت الشواشي «الأدهى من كل هذا تبريرات النواب الانتهازية بخصوص تأجيل تطبيق الضريبة على المساحات التجارية الكبرى بنسبة 35 بالمائة الى بداية شهر جانفي 2020 ، بأن هذا الإجراء سيدعم المؤسسات وهذا كذب و افتراء» مضيفة «لا تستغلوا طيبة الشعب التونسي..هذا الإجراء من أجل فلان و فلان بش يمولولكم الحملات الإنتخابية» على حد قولها. اذن فان أغلب الاطراف السياسية عبرت عن رفضها لقانون المالية باستثناء حركة النهضة وكتلة الائتلاف الوطني وحركة مشروع تونس ودعت عدة اطراف حزبية المواطنين الى التظاهر لكن هل الحل في الاحتجاج؟ وهل ان الاحزاب لم تعد تملك وسائل التغيير بعيدا عن الشارع؟ «السترات الحمراء» تعلن قائمة مطالبها عقدت تنسيقية حركة «السترات الحمراء» أوّل أمس ندوة صحفية قدمت خلالها قراءتها للوضع العام في البلاد وقائمة مطالبها والتي تتمثل في 22 مطلبا دعت الطبقة السياسية والحكومة الى تلبيتها. وتتمحور مطالب هذه الحركة في ملفات الخدمات الصحية والتعليمية والاوضاع الاجتماعية والمقدرة الشرائية للمواطنين والأجر الادني في البلاد الى جانب الوضع السياسي المتأزم والذي زاد من تعقيد الاوضاع الاجتماعية في البلاد. كما أعلنت الحركة عن اقتراب موعد تحركاتها ان لم يتم التفاعل ايجابيا مع مطالبها. هذا واوضح الناطق باسم الحركة رياض جراد ان كل ما يروج عن حجز سترات او مخدرات عار من الصحة ومجعول للتشويش على مطالب حركتهم مؤكدا ان الحركة ليس لديها سترات ولا تمويلات لشرائها مؤكدا انهم لن يستحقوا سترات للاحتجاج على الوضع في البلاد.