شيوخ من جامعة الزيتونة يحرّمون انتخاب المؤيّدين لقانون المساواة في الميراث تونس- الشروق-: أثار اعتزام علماء الزيتونة إصدار فتوى تحرم انتخاب أي نائب يصوت لصالح مبادرة المساواة في الميراث الكثير من الجدل طارحا جملة من التساؤلات بشأن التداخل بين المدني والديني. وخلال يوم علمي انتظم مؤخرا بسوسة و حضره عدد من شيوخ جامعة الزيتونة ووزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي قال أستاذ الفقه والمقاصد بجامعة الزيتونة إلياس دردور إن مشائخ الزيتونة يدرسون إمكانية إصدار فتوى تحرّم شرعا انتخاب أيّ نائب يُصادق على مشروع قانون المساواة في الإرث. فهل من الممكن اعتماد فتوى في ظل نظام ديمقراطي؟ خطر على الديمقراطية ومن جهته استنكر أستاذ القانون الدستوري امين محفوظ ما صرح به أحد شيوخ جامعة الزيتونة منوها الى أن النظم الديمقراطية تستمد تشريعاتها من برلماناتها و لا تقوم مبادئها إطلاقا على الفتاوى وتستمد مشروعيتها من علوية القوانين وعلى رأسها دستور الجمهورية الذي أكد الطابع المدني للدولة واعتبر محفوظ أن ّ التيارات المحافظة بما راكمت من موروث ثقافي معاد لمفاهيم الديمقراطية ومن بينها المساواة والحرية هي أساسا تقف عقبة ضد مشاريع التحديث والبناء الديمقراطي مضيفا أنّ إصدار فتاوى في النظام الديمقراطي يعد أمرا خطيرا للغاية لاسيما أن الندوة التي برز فيها هذا الخطاب حضرها أحد المؤسسين للجمهورية الثانية في اشارة الى وزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي. تكفيرا مبطنا واعتبر النائب صلاح البرقاوي من كتلة الحرة لمشروع تونس أن اعتزام علماء الزيتونة إصدار فتوى تحرم انتخاب كل نائب يصوت لصالح المساواة في الميراث يعد بمثابة التكفير المبطن. وشدد البرقاوي في تصريح ل«الشروق» على عدم وجود الرهبانية في الاسلام حتى ينتصب علماء الزيتونة في موقع الوساطة بين الله وعباده كما حدث ذلك من قبل رجال الدين في كنيسة القرون الوسطى مضيفا بالقول :»إن هذا الخطاب المتعفن هو مقدمات لمحاكم تفتيش جديدة. فلا معنى آخر للفتوى يتوعدوننا بها إلا تكفير مبطن لمن يدعون إلى إقرار المساواة الكاملة بين الجنسين وتحريضا على الفتنة والاقتتال بين التونسيين، في تقسيم مقيت بين «كفار ومؤمنين». ونوه البرقاوي الى أن مايعتزم علماء الزيتونة تنفيذه يعد أيضا خروجا عن العقد الذي تضمنه الدستور و الذي جاء بوضع أسس دولة مدنية يمارس فيها الشعب سيادته والتشريع بواسطة نوابه المنتخبين لا بالفتاوى. كما تساءل عدد من مراقبي الشأن السياسي عن دوافع إقحام شيوخ الزيتونة للدين في السياسة وعدم احترام المرجع القانوني الأول للبلاد وهو الدستور مرجحين أن تكون خدمة لطرف سياسي معين لاسيما أنهم لم يصدروا سابقا فتاوى تتعلق بدور المؤسسة التشريعية ( البرلمان ) في تقنين تجارة الخمور والتبني و منع تعدد الزوجات وغيرها. وفي المحصلة حسم دستور 2014 جدل تداخل الدين في السياسة بإقرار مدنية الدولة غير أن السجال القديم بخصوص الهوية الذي حسم بتوافقات هشة باتت أرضية التحضير للاستحقاقات الانتخابية تهيء لعودته من جديد.