أثارت دعوة رئيس الجمهورية إلى المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة على قاعدة التناصف جدلا واسعا في تونس وتعالت أصوات شيوخ الزيتونة رفضا لهذا المشروع،واعتبروا أن طرح رئيس الجمهورية “يعد طعنا صريحا في ثوابت الدين”، واصفين هذه الدعوات ب”الخطيرة” والمخالفة للدين الحنيف، بل هناك من ذهب إلى التلويح باصدار فتوى تُحرّم انتخاب كلّ نائب صوّت مع المساواة في الإرث. و في هذا الصدد ، أعلن أستاذ الفقه والمقاصد بجامعة الزيتونة إلياس دردور أنّ مشايخ الزيتونة يدرسون إمكانية إصدار فتوى تحرّم شرعا انتخاب أيّ نائب يُصادق على مشروع قانون المساواة في الإرث خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة. وأضاف دردور في مداخلة له أمس خلال يوم علمي انتظم بولاية سوسة بحضور عدد من شيوخ جامعة الزيتونة ووزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي “كل إنسان يمسلنا قانون الميراث يُحرّم شرعا انتخابه في مجلس بلدي أو مجلس نواب أو في أيّة مسؤولية مستقبلا سواء في قائمة انفرادية او حزبية ومهما كان اسمه.. “طيور الجنة” او جناح الملائكة.. يُحرّم انتخابه”. فكرة إصدار فتوى تُحرّم انتخاب كلّ نائب صوّت مع المساواة في الإرث لم يستسغها الباحث في علم الاجتماع سامي براهم الذي اعتبر أنّ هذه الخطوة غير مُوفّقة . و كتب براهم في تدوينة على الفايسبوك ” الفتاوى التي تحرّم التّصويت للمصوّتين لصالح قانون المساواة غير موفّقة في تقديري ، لأنّها تُخضِع السّلوك الانتخابي للحلال والحرام وتعيدنا من جديد إلى مربّعات لا نريد العودة إليها .” و اضاف “التصويت العقابي أو المفيد أو الدّعوة لعدم التصويت لجهة ما لأسباب انتخابية أو غيرها دارج في كلّ الانتخابات ومن طرف كلّ المكوّنات السياسيّة، لكن إدراجه في خانة الحرمة والحليّة هو انتكاس عن السياسة المدنيّة وفتح باب يصعب إغلاق، إذ لكلّ حساسيّة دينيّة ما به تحرّم وتجرّم صاحب الحساسيّة المقابلة من منطلق مذهبي تأويلي .” يشار إلى أن النقطة المثيرة للجدل في مشروع قانون المساواة في الميراث بصياغته الحالية تتعلق بالسماح للمرأة بالمساواة مع الرجل في الميراث، طالما لم يوص الأب قبل وفاته بتقسيمه وفق أحكام الشرع، وهو ما اعتبره كثيرون تحويلا لأحكام شرع الله إلى استثناء لتصبح المساواة في الميراث هي المبدأ وليس العكس.