وجوه عابسة وملامح مكفهرة وابتسامة غائبة وشجار وعراك وارتفاع منسوب العنف المادي واللفظي وارتفاع في عدد المرضى النفسيين الذين زاد عددهم خلال سنة 2017 وقدر عددهم بحوالي 100 ألف مريض نفسي زاروا مستشفى الرازي. تونس (الشروق) كما أن 20 بالمائة من التونسيين يتناولون أدوية نفسية حسب ما صرحت به وزارة الصحة مؤخرا. هذه المؤشرات والمعطيات تدل على أن الشعب التونسي يعاني نفسيا من القلق والاحباط ويشكو من الكآبة والتعاسة وعدم الشعور بالسعادة خاصة أن تونس تحتل المرتبة 102 في مؤشر السعادة عالميا. ومن جهة أخرى وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية يمثل الاضطراب النفسي مشكلة صحية هامة في كل البلدان بما فيها تونس حيث نجد قرابة 30% من السكان مصابين باضطراب نفسي و 40% من المرضى يعانون من أمراض عضوية ناجمة عن مشاكل نفسية مثل آلام الرأس والظهر واضطرابات الجهاز الهضمي والتي تصنف ضمن حالات القلق والاكتئاب المنتشرة في بلادنا. ونظرا الى خطورة الاضطرابات النفسية وانعكاساتها السلبية على توازن الفرد وتأثيرهاعلى حياته العائلية والمهنية بادرت تونس سنة 1990 الى وضع برنامج وطني للصحة النفسية يتضمن استراتيجية لتجنب الاضطرابات قبل حدوثها ومواجهتها في أحسن الظروف .. ويناهز عدد الأطباء النفسيين ببلادنا نحو 250 طبيبا مختصا بين القطاعين العمومي والخاص. كما أولى البرنامج كذلك للجانب التشريعي أهمية خاصة باصدار قانون الصحة العقلية سنة 1992 الذي يؤمن حقوق المريض النفسي ويضبط أساليب الايواء بأصنافها المتعددة .. إحباط وعدم الشعور بالسعادة 90 بالمائة من التونسيين يعانون من الاحباط. كما تذيلت تونس ترتيب الدول العربية في مؤشر السعادة حيث جاءت في المرتبة الثانية عشرة، و 102 عالميا. هذه المعطيات لها أسبابها كما يبين ذلك الأستاذ طارق بالحاج محمد الباحث في علم الاجتماع. حيث أشار إلى أن الإحباط هو حالة نفسيّة تصيب الشخص نتيجة تعرّضه الى مختلف مصاعب الحياة والضغوطات الاجتماعية التي يقف أمامها مكتوف الأيدي لا يحرّك ساكناً. ولا يستطيع مواجهتها ممّا يصيبه بحالة من القلق، والتوتّر، والانهزام لشعوره بالعجز. ويعاني الكثير من الناس من مضايقات تؤدي بهم إلى اليأس مثل مضايقات العمل، والمدرسة، والجامعة حتى في الطريق العام الأمر الذي يجعل من الواحد منهم إنساناً مشحوناً يفتعل المشاكل في بيته وبين أسرته وفي محيطه الاجتماعي الموسع. وأضاف أنّ الفشل في تحقيق هدف معيّن رغم السعي الى تحقيقه يجعل من الشخص منعزلاً متقوقعاً داخل ظلمات تفكيره. لذا يجب أن نعي جيداً كيفيّة التخلّص من الإحباط والعمل على حل كلّ ما يضايقنا وإذا استسلمنا فلا عيب في استشارة من يكبرنا سنّاً أو عرض ما نعانيه على طبيب نفسيّ، المهم أن نقّوي عزيمتنا ونواجه صعوبات الحياة ولا ننسَى أنّ جميع البشر يمرّون بهذه الحالة ومنهم من هو قادر على قهر الإحباط ومنهم من يضيّع سنوات عمره دون أن يشعر بذلك فتذهب كلّ الفرص من أمامه. الشباب في قبضة الأمراض النفسية حسب الدكتور حمزة الضي خبير مختص في العلاقات الإنسانية و الأسرية فإن أكثر فئة في المجتمع معرضة للإحباط والامراض النفسية هي فئة الشباب ؛ نظرا الى تلك التطورات البيولوجية والنفسية المميزة لهذه المرحلة العمرية بالذات.. لكن بالتأكيد كل الفئات و كل أفراد الأسرة الواحدة من الآباء و الأبناء مهما اختلفت أعمارهم معرضون للإصابة بمختلف الأمراض النفسية. وتختلف الأسباب من فئة إلى أخرى مثلا الشباب من أسباب إحباطهم واصابتهم بالأمراض النفسية ، فقدان الأمل نتيجة عدم تحقيق أهدافهم المنشودة ، و قلة النضج النفسي و الذهني في التعامل مع الوضعيات المختلفة. و هنا يأتي دور الأسرة في تربية و تهيئة الأبناء إزاء الوضعيات الصعبة إن كان في الدراسة أو العمل أو حتى في بداية حياتهم الزوجية .. كذلك من الأسباب نجد عدم تناسب الآمال الكبيرة التي يريدون تحقيقها مع الإمكانيات الممنوحة لهم زد على ذلك كثرة الصراعات النفسية داخله جراء اختلاف المفاهيم لأمور اجتماعية أو مبدئية أو قيمية و كثرة الآراء المتضاربة حولها في الأسرة و في المجتمع. كذلك نجد نسبة كبيرة من المتزوجين كذلك و خاصة المتزوجين حديثا معرضين للإحباط والمعاناة من الأمراض النفسية و الأكثر عرضة هم النساء و ذلك جراء اختلاف و تناقض واقع الحياة الزوجية مع ما كان في مخيلتهم حول الزواج و الحياة الزوجية و حصول خيبة أمل باصطدامهم بواقع يحمل أكثر مسؤولية و حياة روتينية أبرز ما يمكن استخلاصه منها كثرة الصراعات و المشاكل بين الزوجين و ذلك نتيجة التسرع في البداية و عدم اختيار الشريك المناسب يؤدي إلى الإصابة بالتوتر الشديد والإحباط و تصل حتى إلى الاكتئاب .. و نجد كذلك أن هذا الإحباط قد يكون مجرد أوهام لا أساس لها و ذلك لكثرة التجارب الفاشلة للمحيطين بهم إن كان على المستوى المهني أو على المستوى الأسري الزوجي و ذلك بكثرة حالات الطلاق أو الفشل حتى ما قبل الزواج و بالتالي ارتفاع و تأخر سن الزواج لدى الشباب كلها أسباب قد تجعل منه شخصا محبطا ومريضا نفسيا. هذا و لا ننسى الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد و انهيار المستوى الأخلاقي و القيمي تجعل من الفرد متخوفا من المستقبل ، إن كان الآباء فهم متخوفون على مستقبل أبنائهم في ظل ضبابية الأوضاع. فالشباب لم يجدوا من يأخذ بأيديهم و يرشدهم و يعزز ثقتهم بأنفسهم نحو مستقبل أفضل. هكذا نتغلب على الإحباط والأمراض النفسية وحسب الدكتور عماد الرقيق فإن التغلب على الأمراض النفسية والشعور بالأحباط الذي يعاني منه عدد كبير من التونسيين يكون أولا بدرجة كبيرة من داخل الأسرة بمساعدة الأبناء وفهم احتياجاتهم و فهم قدراتهم و تطويرها و تعزيز ثقتهم بأنفسهم و العمل على تربية الأبناء على القيم و المبادئ التي تجعلهم يصمدون أمام الفشل و يجعل من الفشل خطوة أولى للنجاح, لا الاستسلام من أول عثرة ، ثم يأتي دور المجتمع في تغير العقليات و نبذ الكراهية و الحقد و العمل و النجاح من أجل هذا الوطن الذي يرجع بالنفع على جميع الأفراد وتكريس هذه القيم داخل مجتمعنا. و لا ننسى دور الدولة في خروج الشباب من هذا الإحباط وذلك بالتعويل على الكفاءات الشبابية في المراكز القيادية و بالتالي بعث الأمل فيهم والقيام بالإصلاحات و البرامج التي ستكون في مستوى آمال الجميع و بالتالي تعود الروح الى هذا الوطن العزيز علينا جميعا.. 20 ٪ من التونسيين يتناولون أدوية الأمراض النفسية 40 ٪ من المرضى يعانون من أمراض عضوية ناجمة عن مشاكل نفسية 30 ٪ من التونسيين يعانون من اضطرابات نفسية 90 ٪ من التونسيين يعانون من الشعور بالإحباط 250 هو عدد الأطباء النفسانيين في تونس موزعون على القطاع العام والخاص 102 هي مرتبة تونس في مؤشر السعادة عاليا