قبل أيام من نهاية كل عام ميلادي يخرج علينا بعض الأشخاص الذين يدعون قدرتهم علي التنبؤ بأحداث العام الجديد، وتحرص وسائل الإعلام علي استضافة هؤلاء، نتيجة إقبال المواطنين علي البرامج التي تخصص لتنبؤات العام الجديد، وما بين التنبؤ بكوارث طبيعية وحروب وصراعات سياسية ووفاة بعض المشاهير وخسائر لرجال أعمال وطلاق وزواج وغيرها من هذه التنبؤات، فما رأي الشرع الحنيف في مثل هذه التصرفات. أكد علماء الدين أن تصديق ما يردده العرافون وأمثالهم يعد من المعاصي والكبائر. وقد نهى أن النبي الكريم عن ذلك في قوله : « من أتي كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد، ومن أتاه غير مصدق له لم تقبل له صلاة أربعين ليلة « ، وشدد العلماء علي أن الغيب بيد الله عز وجل وأنه سبحانه لا يظهر علي غيبه أحد كما جاء في القرآن الكريم عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا فكل ما يقوم به هؤلاء يخالف تعاليم الشريعة. إن رغبة الإنسان في معرفة ما يخبئه له المستقبل، قد تدفعه إلي سلوك السبل التي قد يظن أنها توصله إلي ذلك ومن الأمور التي يحرص كثير من الناس علي قراءتها والاستبشار أو التشاؤم بما جاء بما كتب في ابراج الحظ في الصحف أو المجلات وقد دعا ذلك بعض من يدعون معرفة طبائع الأبراج وأصحابها إلي تأليف كتب عن طبيعة هذه الأبراج وطبائع أصحابها والأيام والأزمنة التي تؤثر في حياتهم سلبا أو إيجابا والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه هؤلاء في حياتهم حتي يتحقق لهم ما أرادوا منها وفئة غير قليلة من الناس تتردد علي العرافين ومن يدعون استجلاء الغيب عن طريق قراءة الكف أو قراءة الفنجان وكل هذه الأمور اعتبرها الشرع من الكبائر فمن يعتقد صدق هؤلاء فيما يخبرون به ويؤمن بقولهم فقد تزعزع ايمانه ودخله الشك من حيث لا يدري وقد نهي الرسول الكريم عن إتيان الكهان والعرافين ومن كان علي شاكلتهم فقد روي عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام فإن منا رجالا يأتون الكهان قال: « فلا تأتهم». وكل هذا وغيره دليل علي حرمة ممارسة الكهانة والعرافة ونحوهما وحرمة التماس معرفة الغيب عند أحد منهم أو من غيرهم. إن الكهانة ادعاء علم الغيب والإخبار بما سيحدث في المستقبل مع إسناد ذلك إلي سبب معين والعرافة: ادعاء معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأل أو فعله أو حاله والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن يخبر عما يحدث في المستقبل من الأمور الغيبية وقيل: إنه يخبر عما حدث في الماضي كذلك وأما العراف فإنه يخبر عن الأمور الغيبية الواقعة أي التي حدثت في الماضي فقط وهذا يتعارض مع أن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالي وأدلة ذلك كثيرة منها قوله سبحانه وتعالى : «وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين» وقد بين الله تعالي أنه لا يطلع أحدا من خلقه على هذا الغيب إلا أن يكون رسولا اختاره الله تعالي لإخباره ببعض هذا الغيب لأمر يتعلق بالرسالة التي كلفه بتبليغها فقال عز وجل : « عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول « وقال جل شأنه في آية أخرى إن الذي يطلعه علي بعض الأمور الغيبية هو من الرسل وليس من غيرهم من سائر البشر قال تعالى : « وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء « , ومعني هذا أنه ليس بوسع بشر الآن أن يدعي معرفة الغيب وما يدعيه من ذلك كذب صراح وإفك مبين مردود علي صاحبه.