قطعت مبادرة رئيس الجمهورية الاخيرة في تجميع الفاعلين السياسيين في الحكومة والمنظمات الاجتماعية مع مسلّمة دخول الباجي قائد السبسي في عزلة سياسية منذ تعليق مشاورات قرطاج 2، فهل يمكن لهذه المبادرة أن تقود الى تهدئة شاملة وخفض منسوب التوترات ؟ تونس (الشروق) ومنذ تعليق مشاورات قرطاج 2 اواخر ماي المنقضي تسّرب انطباع بأن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد دخل في عزلة سياسية لها تمظهرات عديدة على غرار توجه الشاهد الى البرلمان ونيل الرضا بخصوص التحوير الوزاري و عدم القدرة على الذهاب بعيدا سوى بورقة ضغط «الجهاز السري» أو في تجميع العائلة الوسطية الديمقراطية. هذا الانطباع السياسي توقف نهاية الاسبوع المنقضي من خلال اللقاء الاول للفاعلين السياسيين في الحكومة و المنظمات الاجتماعية الذين استجابوا لدعوة رئيس الجمهورية على أمل لقاء ثان يلي ماتنتهي اليه الحكومة والاتحاد من حلول توافقية، فهل تنجح هذه المبادرة في تحقيق التهدئة المأمولة ؟ الواقعية السياسية ويرى المستشار السابق برئاسة الجمهورية بولبابة قزبار في تصريحه ل«الشروق» أن هذه المبادرة تؤسس للواقعية السياسية التي تطوع الفعل السياسي لخدمة متطلبات الواقع بعيدا عن الصراعات الفكرية والايديولوجية التي تجاوزها الزمن مضيفا بأن فكر رجل الدولة الذي يتشبع به قائد السبسي يؤهله اليوم للعب دور التهدئة في المشهد السياسي وفي إنجاح هذه المبادرة التي تحتاجها تونس. كما اعتبر قزبار أن مبادرة رئيس الجمهورية يمكن تلخيصها في 4 نقاط اولها الخروج من العزلة السياسية و تكذيب الرأي العام الخارجي بالخصوص والذي اعتقد في خروج الرجل من دائرة الفعل السياسي وثانيا الاستجابة لمطلب اتحاد الشغل الذي طلب من رئيس الجمهورية النزول بكل ثقله نحو ايجاد حلول توافقية وثالثا الرجوع بقوة في اتجاه استعادة المبادرة السياسية واهمها تفعيل الواقعية السياسية والتي تؤدي غالبا الى انجاح كل المبادرات و التقليل من منسوب التوترات في البلاد. شروط التهدئة وقال النائب صلاح البرقاوي من حزب حركة مشروع تونس انهم دعوا أكثر من مرة إلى ضرورة قيام حوار صادق بين جميع القوى الحية في البلاد لاعتقادهم بأن البلاد اليوم في حاجة الى حوار وطني اكثر من ذي قبل مضيفا بأن اللقاء الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية والذي سيتواصل بعد أسبوع يعد بمثابة الحوار الضروري للتهدئة ولكنه غير كاف. واكد البرقاوي ان هذه المبادرة يمكن ان تؤتي النتائج المرجوة بشرط توسيع الاطراف المشاركة فيها والابتعاد قدر الامكان عن المناورات والتوظيف لتحقيق مكاسب سياسية لجهة على حساب جهة أخرى وأن يقبل المشاركون فيه وعلى رأسهم رئيس الجمهورية بتحمل المسؤولية ولو بنسب متفاوتة، لأنهم معنيون بالبحث عن حل. «وما ثماش واحد داخل في الربح خارج في الخسارة». في الطريق الصحيح واعتبر النائب احمد المشرقي من حزب حركة النهضة أنّ مبادرة رئيس الجمهورية في التجميع وفتح افق الحوار في الطريق الصحيح وامر ضروري ان لم تكن اولوية الاولويات وذلك بسبب تداخل 3 عناصر من الضروري في رأيه الانتباه لها منها سياق الاضطراب العالمي والذي لا تعد تونس بمعزل عنه في زمن العولمة الذي نعيشه وايضا سياق التوتر الاقليمي الذي يعصف بدول الجوار واهمها الوضع الداخلي المتأزم والذي يجعل من الحوار اولوية المرحلة. ويعتقد المشرقي في قدرة مبادرة رئيس الجمهورية على تحقيق التهدئة المطلوبة خاصة اذا وسع رئيس الجمهورية دائرة المشاركين فيها بدعوة حزب نداء تونس واحزاب المعارضة وبقية المنظمات الاجتماعية وكل الطيف السياسي لتنقية المناخات العامة و كسب جملة التحديات ومنها المؤسساتية المتعلقة بهيئة الانتخابات والمحكمة والدستورية و كذلك ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي . نحو حلحلة الأزمة وشدد النائب محمد رمزي خميس من نداء تونس على ان الدور المحوري لرئيس الجمهورية و ما منحه اياه الدستور من صلاحيات يجعلانه يتدخل كلما طرأ مستجد أو مطب في العملية السياسية كما جرى سابقا في مسار اتفاق قرطاج معبرا عن امله في انجاح المبادرة الجديدة و حلحلة الازمة لا سيما وان الامين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي قد عبر بدوره عن امله في ان تفضي هذه المبادرة الى الغاء الاضراب العام. ولاحظ خميس بأن ضغط الاطراف الممولة اليوم على الحكومة يتضاد مع الاستجابة للمطالب الشعبية وهو الامر الذي يستدعي اولا تحميل المسؤوليات للقائمين على الحكم راهنا كما ورد في لقاء قرطاج الاخير معتقدا ان تحميل المسؤوليات جزء من الحل الذي يمكن ان تبني عليها الاطراف الملتفة حول المبادرة والمدعوة في رأيه ان تأخذ بعين الاعتبار ان الادارة التونسية التي صمدت سنة 2011 امام الهزات الكبرى هي اليوم غير قادرة على اداء نفس الدور في صورة تواصل الخلافات الكبرى. حزب «تونس بيتنا» يدعو رئيس الجمهورية الى توسيع المشاورات طالب حزب "تونس بيتنا" رئيس الجمهورية بتوسيع المشاورات المتعلقة بمبادرة الحوار التي اطلقها الاسبوع المنقضي وتحمل كل الاطراف السياسية والاجتماعية المسؤوليات المتفاوتة بغية الوصول الى التهدئة السياسية المنشودة. وطالب رئيس المكتب السياسي للحزب لزهر اولاد علي في بيان نشر امس رئيس الجمهورية بتوجيه الدعوة الى كل ممثلي الطيف السياسي من غير المشاركين في الحكم لابداء الرأي والاسهام في صياغة الحلول. واعتبر اولاد علي ان كل الاطراف السياسية مسؤولة بدرجة متفاوتة عن الازمة السياسية الحاصلة حيث ان الاقرار بهذا المعطى من شأنه الوصول الى ارضية عمل مشتركة تصاغ عليها الحلول. كما دعا الحزب جميع الأطراف السياسية المشاركة في هذه المبادرة ان تأخذ في نظرها ضرورة كسب التحديات المؤسساتية ذات العلاقة بفض ازمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وارساء المحكمة الدستورية بما يمكن من ضمان اجراء الانتخابات القادمة في افضل الظروف وان يكون الدستور الاطار الجامع لكل العلاقات المؤسساتية في الدولة.