خلّف اللقاء السباعي المنتظم أوّل أمس بقصر قرطاج بدعوة من رئيس الجمهورية انطباعا ايجابيا لدى السياسيين في عودة العقل واستشراف بوادر انفراج الأزمة حيث يأمل الفاعلون السياسيون توسيع المشاورات وتعميق الحوار لانقاذ البلاد وايجاد الحلول. تونس- الشروق: وفي ظل الأزمة السياسية الخانقة والتوترات الاجتماعية والاقتصادية كانت دعوات الحوار وتغليب صوت الحكمة الغاية المنشودة التي يأملها كل ذي عقل لترك الخلافات الشخصية جانبا والالتفاف حول صياغة حلول مشتركة، فهل في لقاء قرطاج المنتظم أول أمس بوادر لانفراج الأزمة ؟ فبعد تعليق مشاورات قرطاج 2 اواخر ماي المنقضي وتباعد رؤى كل الاطراف المشاركة فيه يمكن القول بأن مبادرة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من حيث الشكل تحمل دلالة ايجابية في تجميع ممثلي الائتلاف الحاكم والمنظمات الوطنية من جديد لا سيما وان اقرار الجميع بوجود ازمة حقيقية يمكن أن يكون مدخلا نحو إيجاد الحلول. عودة الوعي ويلاحظ الناشط السياسي واستاذ القانون العام رابح الخرايفي أن اللقاء المذكور يمكن ادراجه في سياق عودة الوعي لرئيس الجمهورية كحام للدستور وضامن لوحدة الدولة ومؤسساتها، معتبرا ان اجتماع أول أمس يمثل ايضا تخفيفا للتوترات ويمكن ان يكون مدخلا سياسيا جديدا للعمل الجماعي بين مختلف مؤسسات الدولة حتى تعمل في تناغم بدلا من الصراع والتصادم الذي ظهر جليا في الفترة الأخيرة. وشدد الخرايفي على أن إنجاح هذه المبادرة مشروط بعدم اعتبارها تمهيدا لإحياء مسار قرطاج 2 أو لإعلان مسار جديد من شأنه زرع عناصر التوتر حيث يتوجب في رأيه أن يكون تمهيدا لإبعاد كل العراقيل التي من شأنها ان تحول دون التشاركية في تحمل المسؤوليات بين مؤسسات الدولة ومن ثمة بلورة الحلول الممكنة. وخلص الخرايفي الى إبراز جملة من الملاحظات في اجتماع أول أمس اهمها غياب حافظ قايد السبسي معتقدا في ذلك حنكة من رئيس الجمهورية اولا في تجنب عناصر التوتر على المبادرة وثانيا تقديم رسالة سياسية مفادها انه هو من يتزعم حزب النداء ، علاوة على إبراز استفادة حركة النهضة من اللقاء المذكور في سياق اعادة الروح للعلاقة مع رئيس الجمهورية خاصة وأنّ التغيرات الاقليمية المتسارعة والمتقلبة في تضاد مع مشروع الإسلام السياسي الباحث عن الاحتماء بالنخبة السياسية الليبيرالية والمدنية. فتح آفاق ايجابية واعتبرت حركة النهضة في بلاغ صادر عنها حمل توقيع رئيسها راشد الغنوشي ان المبادرة بعثت برسالة إيجابية إلى كل التونسيين مكبرة الدور المحوري لرئيس الجمهورية في إنجاح الانتقال الديمقراطي وحمايته من الانتكاس،وطمأنة التونسيين حول استعداد كل الفاعلين للبحث عن الحلول التوافقية التي تحفظ المصالح العليا للبلاد. كما اعتبرت الحركة أن اجتماع أول امس رسالة لإدارة هذه المرحلة الصعبة ويفتح آفاقا ايجابية لخفض حدة التوترات الاجتماعية والسياسية ، والتعالي على الحسابات والمصالح الحزبية الضيقة داعية الحكومة الى التعامل الجدي مع المبادرة . ومن جهته عبر النائب شكري العيادي من نداء تونس عن أمله في جدية تعامل الأطراف السياسية مع مبادرة رئيس الجمهورية التي ثمنها داعيا الجميع الى تحمل المسؤولية والمساهمة في حلحلة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. واعتبر العيادي أنّ هذه المبادرة تؤكد مرة اخرى عدم وجود خلافات شخصية بين مؤسسات الدولة وتكشف ان الاختلاف يحوم حول التصورات والتمشي الضروري الواجب اتباعه قائلا:"اتمنى ان تتبع هذه المبادرة دينامكية حقيقية بين كل الاطراف السياسية والاجتماعية وعلى رأسها رئاسة الحكومة ويتحمل الجميع حصيلة الوضع الكارثي على جميع المستويات بما يمكن من تقديم حلول عاجلة لإنقاذ البلاد". توسيع المشاورات كما ثمنت النائب ابتسام الجبابلي من كتلة الائتلاف الوطني دور رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في محاولة تجميع الاطراف السياسية والاجتماعية وتقريب وجهات النظر مشددة على أنّ مطلب الحوار وتغليب المصلحة الوطنية كان الأكثر ترديدا بين الحكماء والداعين إلى استقرار البلاد. واعتبرت الجبابلي أن هذه المبادرة تحمل العديد من الإيجابيات في سياق الإقرار بأن للأزمة السياسية انعكاسات كبيرة على مختلف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مضيفة بأنه من الضروري توسيع مشاوراتها في قادم الأيام عبر توجيه الدعوة الى كل الاطراف السياسية ومن بينها حزب نداء تونس الذي يتحمل بدوره جزءا من المسؤولية وكذلك الاطراف المعارضة بما يجعل الحوار غير صوري وموجها حقيقةنحو المصلحة الوطنية.