رغم موقعها الاستراتيجي وهي التي تتوسط إقليم الشمال الغربي ورغم ما تضمه من ثروات طبيعية هائلة وإمكانيات استثمار واعدة فإن الواقع يشهد على أن الجهة لم تستفد إطلاقا من خيراتها وبقيت مؤشرات التنمية بها ضعيفة وذلك باحتلال للمرتبة 18 وطنيا . مناطق صناعية خارج الخدمة لا يشغل النشاط الصناعي سوى 9 % من اليد العاملة النشيطة إلا أن النسيج الصناعي ظل يتسم بضعف الاندماج والتكامل مع القطاعات الاقتصادية الأخرى . ويوجد بالولاية 10 مناطق صناعية تمسح حوالي 134 هكتار وهي موزعة على 7 مناطق صناعية تم إنجازها من قبل الوكالة العقارية الصناعية على مساحة 124 هكتار و3 مناطق صناعية أحدثت من قبل المجالس الجهوية أو البلديات وهي تمسح 10 هكتارات غير أن نسق إحداثها بدا بطيئا ومتباعدا جدا في الزمن حيث شهدت الإحداثات توقفا لمدة 14 سنة لتقوم الوكالة العقارية الصناعية بعدها بتهيئة المنطقة الصناعية مجاز الباب 2 سنة 1996 ثم وبعد 10 سنوات تم تهيئة منطقة صناعية بباجة الشمالية على مساحة 26 هكتار وأخرى بهنشير بوتفاحة سنة 2012 وهي الأكبر على الإطلاق حيث تمسح 29 هكتار . وقد ظلت نسبة الاستغلال الفعلي للمناطق الصناعية متفاوتة حيث يبلغ معدلها 58.8 % إضافة إلى وجود عدد كبير من المقاسم المعنية بالتّجريد والتي يبلغ عددها 30 مقسما نصفها متواجد بالمنطقة الصناعية باجة طريق طبرقة والبقية موزعة بين باقي المناطق الصناعية باستثناء المنطقتين الصناعيتين بمجاز الباب 1 + 2 . ولم تستطع المناطق الصناعية استقطاب المزيد من الوحدات الصناعية بسبب غياب الربط بالغاز الطبيعي وغياب معالجة التلوث البيئي وعدم استكمال الدراسات الخاصة ببرامج التهيئة الترابية . استثمارات فلاحية ضعيفة تزخر الولاية بموارد طبيعية هامة مما أهلها إلى تبوء المراتب الأولى في عديد المنتجات الفلاحية الأساسية كالحبوب والبقول (25 %) واللحوم الحمراء ( 15 % ) والألبان ( 12 % ) وهو ما يؤهلها منطقيا لتكون قطبا صناعيا غذائيا ووجهة استثمارية جذابة في عديد المشاريع . وقد بلغت الاستثمارات المصرح بها في قطاع الصناعات الغذائية خلال الأربع سنوات الماضية ما يقارب 3 / 1 مجموع الاستثمارات الصناعية المصرح بها في حين وصلت نسبة مواطن الشغل المحدثة بهذا القطاع حدود 20.2 % . وتعتبر هذه النسب ضعيفة مقارنة بما تنتجه الجهة من منتوجات غذائية متنوعة وبكميات كبيرة . ويعتمد الاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية بالجهة أساسا على المبادرة الخاصة والتمويل الذاتي ولا يساهم القطاع البنكي إلا بنسبة 7 % في عملية تمويل المشاريع الاستثمارية . قطب صناعي وتنموي للسكر معطل خلال سنة 2012 تم وضع إستراتيجية لإعادة هيكلة مصنع السكر بباجة وذلك بتحويله إلى قطب صناعي وتنموي وذلك بالرفع التدريجي لطاقة الانتاج التي لا تتعدى 180 الف طن سنويا مقابل حاجيات وطنية تقدر ب 360 ألف طن بما يمكن من الاستغناء عن توريد 180 ألف طن أخرى من السكر ومن تحقيق الاكتفاء الذاتي من مادة السكر واستفادة خزينة الدولة من 100 دولار عن كل طن مورد كما تقوم الاستراتيجية أيضا ببرمجة كلفة استثمار بقيمة 20 مليار لتجديد التجهيزات وتوسعة المصنع مما سيوفر 100 موطن شغل وذلك بإحداث وحدات صناعية مساندة على غرار مصنع للأكياس البلاستيكية لتعليب السكر والسميد والعلف ووحدة لتعليب السكر السائب و» الطوابع «. ورغم تحفّز المستثمرين الأجانب على الاستثمار في هذا القطب إلاّ إلى إنجاح غير أنّ ذلك إجراءات التطبيق ظلت رهينة قرارات سياسية ومرتبطة بواقع اقتصادي صعب . وتواجه الشركة التونسية للسكر تهديدا مباشرا لنشاطها من خلال قيام ديوان الموانئ التجارية بتوجيه قرار إلى إدارتها يقضي بفسخ عقد تسويغ المخازن الثلاثة الموجودة بالميناء التجاري ببنزرت وإخلاءها وهدمها . «جنان مجردة» حلم بقي سرابا يمثّل المشروع قطبا تنمويا متعدد الاختصاصات ونموذجا للتنمية الشاملة « ذكية خضراء ويتشكّل من 5 أقطاب تتوزع بين معرفية وزراعية وسياحية وصناعية وتكنولوجيات طاقية يقع إنجازها على ثلاثة مراحل وفي مدّة تقارب 20 سنة وذلك إلى غاية سنة 2030 ، وهو يمتد على مساحة 900 هكتار وباستثمارات محلية تقدر ب 2000 مليون دينار وسيمكن في غضون 15 20 سنة من فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وذلك بإحداث 40 مؤسسة صغرى ومتوسطة بقيمة 50 مليون دينار موجّهة كليّا نحو التّصدير مع بلوغ رقم معاملات يقارب 25 مليون دينار سنويا مما سيمكن من ضمان طاقة تشغيلية تصل إلى 24 ألف موطن شغل والتخفيض من نسبة الفقر وفك عزلة المنطقة والارتقاء بمستوى التعليم وبالتالي إدماج الجهة في دورة اقتصادية كبرى . ولئن حاز المشروع ومنذ سنة 2015 على هبة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي(FADES ) بقيمة 2 مليون دينار لإنجاز دراسة جدوى إلا أن الدراسات الفنية توقفت بعد 6 أشهر من انطلاقها في 2017 بسبب تلكؤ وزارة التنمية في تنفيذ تعهداتها بتحويل القسط الأول من تكلفة دراسة الجدوى لفائدة مكتب الدراسات وبروز تحفظات لوزارتي الفلاحة والموارد المائية والتنمية والاستثمار الدولي حول إقامة المشروع بضيعة غرة جوان وجزء من ضيعة « عياض « بوادي الزرقاء لوجودهما صلب الحوض الساكب لسد « سيدي سالم « . قطب سياحيّ ولد ميّتا رغم أنها تتوفر على 26 كلم من السواحل وعدد كبير من المواقع الأثرية منها ما هو مصنّف بقائمة التّراث العالمي فإنّ مؤشّرات السياحة بالولاية مازالت متدنّية جدا . وتمتلك الجهة إمكانيات سياحية وثقافية هامة من شأنها أن تصبح وجهة جاذبة وقادرة على توفير منتوج سياحي مميّز والاستفادة من وجود 40 ألف موقع تراثي وينضاف إلى ذلك يد عاملة مختصة في قطاع الصناعات التقليدية تقدر ب 10 آلاف حرفي منهم 6200 مرسمين بسجل الحرفيين يتوزّع نشاطهم بالقرى الحرفية المنتشرة بأغلب معتمديات الولاية . غير أنّ ذلك لم يشفع لقطاع السياحة بالجهة من أن يتطور وبقيت الولاية بمعزل عن المناطق السياحية المجاورة لها على غرار طبرقة وبنزرت ناهيك وأنّها تضمّ فقط 6 وحدات سياحية بطاقة إيواء محدودة لا تتعدى 234 سريرا . ورغم أنه تمّ إقرار مشروع لبعث قطب سياحي بالزّوارع من معتمدية نفزة خلال مجلس وزاري بتاريخ 20 أكتوبر 1999 بهدف بعث منتوج إيكولوجي إلا أنّ هذا المشروع بقي إلى حد اليوم حبرا على ورق لتحرم الجهة من أن تصبح وجهة سياحية مميزة .