يوفر معمل السكر بباجة 140 ألف طن من السكر وتستورد الدولة 200 ألف من نفس المادة لتوفير حاجيات كل التونسيين منها فاكتفاؤنا الذاتي من مادة السكر يقدر ب 340 ألف طن سنويا... تونس تصدر السكر بدل استيراده فكرة حولتها دراسة الى حقيقة ملموسة لا تنتظر سوى التأشير. تحولنا مؤخرا الى الشركة التونسية للسكر المعروفة لدى العامة والخاصة في باجة بمعمل السكر وهناك كان اللقاء بالسيد مختار النفزي الرئيس المدير العام للشركة والسيد توفيق رابح الرئيس المدير العام لمؤسسة «صاماف» للاستشارة والتنمية. وان كنا سابقا قد زرنا هذه الشركة للوقوف على أكثر من وقفة احتجاجية قادها العمال هناك لتقديم جملة من الطلبات تخص وضعياتهم الاجتماعية والشغلية بالمؤسسة فان زيارتنا هذه المرة قصد الاطلاع على دراسة أعدتها المؤسستان المذكورتان تقضي على كل أنواع الاعتصامات والاضرابات والوقفات الاحتجاجية بالجهة لا بمعمل السكر فحسب. المشروع الذي تضمنته الدراسة المذكورة يتمثل في اعادة هيكلة الشركة التونسية للسكر بباجة. فقبل 2011 يعتبر قطاع السكر في تونس مهمشا رغم أهمية مادة السكر فهي مادة لا تحتاج اقامة الدليل على أنها الأكثر حيوية في حياتنا اليومية .ولم يقع التفكير في تطويره والنهوض به وذلك في ظل غياب الارادة السياسية . فما بين 2005 و2011 عاشت شركة السكر بباجة ولا تزال صعوبات بالجملة متأتية من تسعير السكر دون آليات دعم تخفف من وطأة ارتفاع كلفة المادة الأولية (السكر الخام). وفي الأثناء انكبت الشركة بالتعاون مع مؤسسة «صاماف» للاستشارة والتنمية على اعداد دراسة تنظم قطاع السكر عموما والشركة التونسيةبباجة خصوصا. شركة السكر بباجة هي أول نواة لهذه المادة بالتراب التونسي اذ بعثت للحياة سنة 1962 وبالتالي تضعها الدراسة نواة لقطب صناعي أشمل وهو قطب الصناعات الغذائية لولايتي باجة وجندوبة وقد تمتد الى الكاف وسليانة . وبلغة الأرقام فان الشركة التونسيةبباجة تكرر 140 ألف طن من السكر وتؤكد الدراسة أن نفس الشركة ستوفر في موفى سنة 2012 حوالي 180 ألف طن وفي موفى 2013 أكثر من 220 ألف طن ومع حلول سنة 2016 يكون الانتاج في حدود 350 ألف طن وهو معدل استهلاك كل البلاد من السكر سنويا وبالتالي تحقيق اكتفائنا الذاتي من هذه المادة الحيوية دون ضرب أي مشغل في البلاد في هذا المجال وتذهب الدراسة الى أبعد من الاكتفاء الذاتي الى أن الانتاج يمكن أن يصل في السنوات الموالية ل 2016 الى مليون طن من السكر وهو ما سيحولنا آليا الى مصدر للسكر ونحن الذين نستورد اليوم 200 ألف طن سنويا وتكفي الاشارة الى أننا اذا وقفنا عند حد تحقيق اكتفائنا الذاتي فقط فسندخر سنويا 100 دولار من العملة الصعبة عن كل طن من السكر المستورد أي 20 مليون دولار بالنسبة الى كامل الكمية المستوردة. في البرنامج كما تشير الدراسة أيضا الى امكانية استغلال المساحة الشاسعة التي يسبح فيها معمل السكر بباجة والمقدرة بحوالي 50هكتارا أغلبها حقول عنب لا تسمن ولا تغني من جوع نظرا لتعرض المحصول سنويا للحرائق والسرقات وبالتالي يمكن استغلال هذه المساحة بالاضافة الى ادخال الاصلاحات الضرورية على المعمل الحالي لتكرير السكر في اقامة مصنع لصنع الأكياس يوفر حوالي 150 موطن شغل وشركة خدمات للصيانة توفر حوالي 50 موطن شغل اضافة الى تشجيع المستمر الأحنبي والمحلي على الاستثمار بباجة لأهمية جانب الصيانة .ومعمل لتعليب السكر يوفر أكثر من 100 موطن شغل هذا دون اعتبار ما ستوفره التطويرات المبرمجة في الشركة الأم ليرتفع عدد العمال من 460 الى حوالي 600 عامل قار .وتجدر الاشارة هنا الى أن المركب الصناعي الذي سينشأ بجوار الشركة الأم سيستفيد من الطاقة الكهربائية التي ينتجها معمل السكر وهي طاقة توازي ما توفره «الستاغ» لكامل الولاية. توأمة مع المغرب الأكيد أن المغرب الأقصى الشقيق يعتبر قطبا عالميا في صناعة السكر فالقطاع هناك يشغل حوالي 40ألف عامل واطار وبالتالي فالمغرب مصدر لهذه المادة الحيوية ويملك من الكفاءات والخيرات ما جعل الدراسة تستنجد بخبراء مغاربة قدموا الاضافة المرجوة بل أن الأمر وصل الى حد التفكير في توأمة بين البلدين في قطاع السكر خصوصا وفي مجال الصناعات الغذائية عموما. بنزرت وبوسالم في البال تحول الشركة التونسية للسكر بباجة الى قطب لن يلغي شركتي السكر ببوسالم وبنزرت بل أنه سيضم المؤسستين المذكورتين والديوان الساهر على قطاع السكر كما أن النية تتجه نحو عودة زراعة اللفت السكري خصوصا بمنطقة بوسالم لما لهذه المادة من الأهمية فهي توفر علفا للأبقار الحلوب زيادة عن المادة الأساسية وهي السكر. تأشيرة و 20 مليارا فقط كما أكد لنا محدثانا السيدان مختار النفزي وتوفيق رابح أن الانطلاقة في تحويل الدراسة الى أرض الواقع تستوجب 20 مليارا لن تتحمل الدولة عبأها باعتبار أن المستثمرين الذين عرض عليهم المشروع عبروا عن استعدادهم للتمويل. وبالتالي لم يبق سوى التأشير من الهيكل السياسي الحالي للدولة والذي ينكب منذ أيام على دراسة مجالات التنمية بالجهات وهذا نموذج أمامهم فمتى يؤشرون؟