يواصل شيوخ الغلبة ودكاترة آخر الزمان تهجّمهم على مقترح التسوية في الميراث رغم أنّه مجرّد مشروع ولا أدري ماذا سيفعلون لو لقيّ هذا المشروع القبول من نوّاب الشعب فهل سيمرّون من الفتاوى إلى ما هو أخطر من ذلك خاصة وأنّهم اليوم يتحدّثون في الظاهر باسم الفقه والشريعة لكنّهم يحيلون الموضوع تلميحا للمتطّرفين في الدين إلى أنّه خروج عن أحكام الله أي إلى ما هو أبعد من نقاش علمي وقد يقود إلى ما لا تحمد عقباه إذا مرّر هذا القانون ثمّ إنّ من يستمع إليهم يشعر بمدى حقدهم على المرأة فهم لا يهضمون أن تكون للمرأة حقوق تساويها بالرجل.خلافا لله ورسوله اللذين يحبّان المرأة ويحترمانها وينزّلانها منزلة البشر الكامل الحقوق والواجبات.وموقف المتزمّتين من المرأة مرجعه ما ران على عقولهم من تعسّف على المرأة من عصور خِلْناها مضت بدون رجعه. وإنّي سأعتمد على المرحوم أحمد الرمادي لأبْرز حبّ الرسول للمرأة من خلال كتابه»إمرأة ورسول « الذي كتبه بالفرنسيّة رغبة منه أن يعرف الشباب المسلم الذي قد لا يحسن اللغة العربيّة مدى سماحة دينه وعلوّ أخلاق رسوله وحبّه للمرأة وقد اعتمد على أحاديث تروي علاقة الرسول بزوجته عائشة إذ وككلّ الأزواج كانت الخلافات تقع في بعض الأحيان بين الرسول و زوجته «عائشة» رغم الحبّ الذي يربط بينهما ويكون الخلاف غالبا بسبب «غَيْرة» عائشة المفرطة من بقيّة نسائه ومن ذلك أنّه في يوم من الأيام وبسبب خلاف نشأ بينهما اقترح الرسول على عائشة تحكيم «عمر بن الخطّاب» في ما بينهما من خلاف فأجابتْ عائشة بالرفض وقالت :»إن بن الخطّاب رجل شديد» فقال لها الرسول :»أَتَقبَلِين أن نَحْتَكِم إلى والدكِ» فقبلتْ هذا المقترح.ولمّا حضر» أبو بكر» وبدأ الرسول في عرض ما وقع فيه من خلاف مع عائشة قاطعته هذه الأخيرة قائلة :»اتّقي الله ولا تقل إلّا الحقّ» وبسماع ما قالته ابنته عائشة انتاب أبا بكر غضب شديد لأنّه بالنسبة له مجرّد التفكير في أنّ الرسول يمكن أن يكذب هو خطيئة كبرى.ولم يستطع أن يفهم أنّ زوجات الرسول في ما يخصّ الحياة العائليّة يتعاملْن مع الرسول كرجل وزوج لا كنبيّ الله وأن الرسول يتعامل معهنّ كذلك كرجل وزوج. وحيث لم يستطع قبول هذا السلوك من ابنته تجاه الرسول الذي يقدّسه ضرب ابْنَتَهُ على خدّها ضربة أدْمَتْ أنفها فهربتْ منه واختفتْ وراء زوجها. أمّا الرسول الذي لم تَمْتَدَّ يده أبدا لضرب امرأة والذي كره ما قام به أبو بكر فلم يزد عن أن طلب من» أبي بكر» أن يخرج من منزله قائلا :»ما لهذا دعوناك يا أبا بكر « وهي جملة تتضمّن معاني رفض هذا الفعل رغم أنّ أبا بكر هو من هو بالنسبة للرسول صداقة ومحبّة واحتراما. وعندما خرج أبو بكر ابتعدتْ «عائشة عن الرسول بعد أن كانت ملتصقة بظهره احتماء به من أبيها فقال لها الرسول « اقتربي منّي « فأجابته ب»لا» رافضة طلبه عندها ابتسم الرسول وقال لها:»ومع هذا فقد كنت منذ حين ملتصقة بظهري» وفي يوم آخر قُدّمَتْ للرسول هديّة وهو في بيت عائشة وكعادته أرسل لكلّ واحدة من زوجاته نصيبها لكن زوجته» زينب» رفضت منابها وأرجعته للرسول .فاستغلّتْ عائشة هذه الحادثة لتأجّج غضبه فقالت له :»والله إنّها بفِعلتها هذه أرادت أن تظهر حِقْدها عليك:»هذه الألفاظ أغضبتْ الرسول فخرج وأقسم أن لن يضع أقدامه في بيت كلّ زوجاته لمدّة شهر . وكان لهذا القرار من الرسول صداه وراج في المدينة أنّ الرسول قد طلّق زوجاته وامتنع الرسول عن قبول أي كان وهو في خلوته وبعد إلحاح كبير من عمر بن الخطّاب قبل الرسول دخوله عليه فأعلمه عمر بحيرة الناس وأنّهم اجتمعوا في المسجد لمعرفة الحقيقة فأعلمه الرسول أنّه لم يطلّق زوجاته وبعد أن استرخص من الرسول خرج عمر للناس وصاح فيهم قائلا :»يا هؤلاء اعلموا أنّ الرسول لم يطلّق زوجاته فتنفّس المسلمون الصعداء . وبتمام الشهر القمري خرج الرسول من ملجئه وكان أوّل ما دخل بيت عائشة فاستقبلته بانشراح وسرور وكانت متيقّنة أنّ الإشكال الذي انطلق من بيتها لم يؤثّر في ما بينهما من حبّ فقالت له بلهجة فيها كثير من الدعابة يا رسول الله أَغَضِبْتَ منّي من أجل كلمة قُلتُها بدون أن أعطيها أي أهميّة ؟» ولمّا رأته يبتسم وكان دائما متسامحا واصلت مداعبتها له قائلة :» لقد أَقْسَمْتَ أن تَقْطع كلّ علاقة معنا لمدّة شهر ولكن لم يمرّ على ذلك إلّا تسعة وعشرون يوما .. هذه الدعابة أدخلت على الرسول سرورا كبيرا إذ فهم أنّ زوجته المحبوبة لم تنفكّ عن التفكير فيه و أنّها كانت تعدّ أيام عزلته يوما بيوم. فأجابها ضاحكا و مبادلا معها الدعابة:» هذا الشهر يعدّ تسعة وعشرين يوما.... هذا هو الرسول الكريم الذي يجب أن نقرّب أخلاقه وطيبة سريرته وتعامله الممتاز مع المرأة للشباب المسلم اليوم حيث الاحترام والتسامح وحسن المعاشرة خلافا لما نراه اليوم من بعض دعاة الدين الذين يتجنون على المرأة المسلمة ويسومونها أقصى أنواع الإهانة باسم الشريعة و الفقه وسلوك السلف الصالح فتُحْبس في منزلها أو تُلفّ في السواد حتى لا يراها غير الزوج الذي يسومها أقصى أنواع المذلّة ويعتبرها متاعا لقضاء حاجته البهيميّة.