الشروق مكتب الساحل: حين يرنّ جرس مدرسة التريكية على الساعة الثامنة صباحا يكون محمد التونسي، أو «عمّ النوري» كما عُرف في أوساط المدينة العتيقة بسوسة، قد شرع باب «مكتبة الحومة» على مصراعيه وبدأ رحلته اليومية مع هذا الفضاء الذي يتعهده ويحرص على أدق تفاصيله حرص الأمّ على وليدها... «مكتبة الحومة» التي تستقلّ بركن من أركان «مدرسة التريكية» المواجهة للباب القبلي، أحد أبواب المدينة العتيقة، هي فضاء للمطالعة مخصص لأطفال المدرسة، أسسها المرحوم حمادي الملولي، وهو أحد شيوخ مدينة سوسة العتيقة وأحد حَفَظة ذاكرتها، أغلقت لفترة ما ولم يقبل مربّون تداولوا على المدرسة الاضطلاع بمهمة أمانة المكتبة نظرا لجسامة المسؤولية، قبل أن يتطوّع «عم النوري» ويجعل منها «حديقة المطالعة» كما أسماها. «في 2017 بدأت عملي التطوعي في المكتبة بالتنسيق مع إدارة المدرسة التي تعرفني جيدا، فأنا من قدماء مدرسة التريكية درست بها ثم عملت بها لمدة 28 سنة وحتى بعد بلوغي سن التقاعد تطوعت بأربع سنوات إضافية من العمل، وهذه المكتبة موجهة أساسا لأطفال المدرسة ولأطفال سوسة بشكل عام تضم نحو 2500 قصة وأنا أعمل باستمرار على تطويرها وتنظيمها» هكذا تحدّث «عم النوري» عن علاقته بمكتبة الحومة، التي يساهم في إثرائها الكبار والصغار من قدماء المدرسة ومن الأولياء والمربّين. وتشتغل الكتبة بنظام الإعارة، حيث خصّص لها أمينها (عم النوري) اشتراكات مجانية متاحة لجميع التلاميذ فيستعيرون قصصا وكتبا يقرؤونها ويلخصونها وتُقام لهم مسابقات تُسند فيها الجوائز من أجل تشجيعهم وتحفيزهم على المطاعة والحفاظ على علاقة متينة بالمكتبة والكتاب. هذه المكتبة التي تقع في أقصى المدينة العتيقة من جهة مدخل سوسة الجنوبي تحتاج اليوم إلى لفتة من السلط الجهوية، وهذا النداء توجه به «عم النوري» عبر «الشروق» إلى والي الجهة ومعتمد سوسةالمدينة والمندوب الجهوي للثقافة لزيارة المكتبة وتثمين هذه المبادرة الفريدة والمساعدة على تطويرها.