انطلق موسم جمع المحار بولاية مدنين في ظروف صعبة ما دفع العشرات من النساء للتحوّل من شواطئ القرين وبوغرارة الى شواطئ جرجيس لجمع المحار وبيعه، لكن ما يجنينه من مال يبقى غير كاف لسدّ حاجياتهن اليومية خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. الشروق مدنين: حوّلت جامعات المحار وجهتهن هذا الموسم الى شواطئ جرجيس بعد منعهن من شواطئ القرين وبوغرارة بسبب التلوث الذي ضرب مياه البحيرة التي لا تزال مغلقة امام صيادي هذا النوع من الرخويات منذ ما يزيد عن عشرين عاما بسبب سلبية التحاليل المجراة على المياه والمحار كما هو الشأن لسواحل اجيم والقنطرة والرصيفات وفق المصالح البيطرية بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بمدنين ورغم أن المحار زهيد الثمن في وطنه، لكنه مطلوب بكثرة في الأسواق الأوروبية وهو ما يستهوي النساء اللواتي يجمعنه رأس مالهن منجل وقفازان وسطل وحذاء بلاستيكي والكثير من الصبر. يغادرن منازلهن منذ الثالثة صباحا يجبن الشواطئ طولا وعرضا بحثا عن المحار عملهن لا يتطلب مهارة عالية انما الكثير من الصبر , الصبر على ساعات طوال تقضيهن منحنيات الظهر وأرجلهن في مياه البحر الباردة والسباخ المالحة. صبر طويل.. ثمن زهيد جامعات المحار رغم منعهن من عملية التقاط المحار يجتهدن في البحث عن ضالتهن صباحا وعلى امتداد النهار ويبعنه مساء بثمن قلن انه زهيد غالبا ما لا يتجاوز 25 دينارا فيما يتم تصديره بأثمان مرتفعة قد تصل الى اربعين دينارا هن يعلمن جيدا أن الثمن الذي يقبضنه لا يضاهي أتعابهن ولا القيمة الصحية فمحتوياته حسب آخر الدراسات العلمية قد تساهم في إنتاج أدوية يمكن مقارنتها بالعقاقير الكيميائية التي تعالج أنواع عدة من السرطانات مثل سرطان الدم والثدي إلى جانب سرطان الرئة والقولون. وعلى دراية كذلك من انه يحتوي على عناصر معدنية مثل: الزنك والسيلينيوم والكالسيوم والحديد والمغنيسيوم، إلى جانب الفيتامينات مثل: فيتامين ج وفيتامين ب6 وفيتامين د وفيتامين ب12 ومضادات الأكسدة، والبروتينات والأحماض الدهنية المفيدة, عوامل كثيرة تدفعهن الى القبول بثمن زهيد. فالسوق تحتكره فئة تفرض السعر كما تشاء ولا تترك لملتقطات المحار مجالا للنقاش خشية تعرض محصولهن إلى التلف. تراجع الانتاج وتقلص عدد جامعاته الحديث معهن واليهن لم يكن سهلا في بادئ الامر فكلما لاحظن آلة كاميرا او آلة تسجيل إلا وأخفين وجوههن خوفا من ان يتم تتبعهن من قبل السلط الامنية وأكّدن ان سبب تحولهن من شواطئ القرين وبوغرارة هو التنبيه عليهن من قبل المصالح المختصة لعدم صيد المحار لتعرضه للامراض. تراجع الإنتاج في السنوات الاخيرة بات لا يوفر دخلا. وأدى الى تقلص عدد جامعات المحار اللواتي غيرن الوجهة من شواطئ القرين وبوغراراة الى شواطئ جرجيس فبعد أن بات مورد رزقهن مهددا رغم مطالبتهن السلط المعنية بايجاد بديل لذلك عبر أنشطة أخرى كتربية المواشي او الدواجن او الارانب من خلال منح لإقامة مشاريع صغرى. قطاع المحار الذي يشغل ألفي امرأة بكامل شواطئ البلاد ويوفر انتاجا يعد اساسا نحو التصدير يطرح عدة اشكالات فهو من الرخويات وتخضع عملية جمعه الى تحليل مسبق يتم على ضوئه تحديد امكانية فتح الموسم من عدمه فغالبا ما يصيبه التسمم بمادة ال"بيوتكسين" فيحجر على ضوء ذلك صيده وجمعه, الى جانب مشاكل أخرى تهم تسويق المنتوج , ورغم انخراطهن في مجامع للتنمية بغرض الحصول على بعض المساعدات والمشاركة في دورات تكوينية في رتق الشباك من أجل اكتساب اختصاص يكون بديلا لنشاط المحار على امتداد السنة إلا ان كل ذلك لم يساعدهن على تحسين أوضاعهن. وشاركن في مختلف برامج التعاون الدولي التي أبرمتها وزارة الفلاحة عبر مندوبية التنمية الفلاحية والمجامع التنموية. واستهدفت هذه الفئة الهشة من النساء لكن كلّها تجارب ظلت الاستفادة منها محدودة. غياب مسالك الترويج تطالب جامعات المحار الجهات المختصة بضرورة حمايتهن من خلال ارساء و ترسيخ الشفافية في المعاملات التجارية وذلك باعتماد مسلك ترويج واضح من المنتج الى المستهلك والعمل على تأطيرهن للحفاظ على جودة المنتوج , ولتحسين مردودية هذا القطاع وتوفير مستلزمات الجمع وبالخصوص وسائل جمع قابلة للرشح مثل القفة اذ ان الاوعية التي يتم اعتمادها هي أوعية حديدية من شأنها تلويث المحيط ويدوم موسم جمع المحار ثمانين يوما فقط كل سنة ويحجر الصيد بداية من 15 ماي الى 30 سبتمبر من كل سنة, إنها تضحيات جسيمة إلا ان المردود يظل ضعيفا رغم مساهمة إقليم الجنوب بنحو 90 في المائة من الإنتاج الوطني للمحار. أرقام ودلالات 80 يوما في السنة مدة صيد المحار 25 دينارا ثمن الكيلو عند الجمع 40 دينارا عند التصدير