على امتداد أكثر من 7 سنوات، تحوّل تنظيم مؤتمر تأسيسي وانتخابي للحزب إلى ما يشبه «العقدة» لدى الندائيين. ورغم الحرص الذي بدا مؤخرا على تنظيم هذا المؤتمر مطلع مارس القادم إلا أن الأمر مازال بين الشك واليقين. تونس الشروق: في انتخابات 2014 حقق نداء تونس نجاحا لافتا بعد سنتين فقط من تأسيسه ورغم عدم تنظيم مؤتمر تأسيسي وطني. وعلى امتداد حوالي 4 سنوات نجح النداء أيضا في البقاء في السلطة وفي المحافظة على أغلبية برلمانية وحكومية محترمة وأيضا في المحافظة على حدّ معقول من التموقع الحزبي على الساحة السياسية رغم الأزمات والصراعات التي مرّ بها. غير انه مع تقدم الوقت ومع قرب موعد انتخابات 2019 وخاصة مع امكانية تأثر حظوظه فيها بتواصل هشاشته الهيكلية، اتضحت الحاجة الملحة لتنظيم مؤتمر انتخابي يوضح الرؤية بشكل نهائي حول هيكلة الحزب ويقطع مع التجاذبات والصراعات المعلنة والمخفية داخله ويهيئ الأرضية الملائمة لترشحه للتشريعية ولتقديم مرشح للرئاسية في أفضل الظروف. نظريا يبدو ذلك تفاؤل كل الندائيين بلا استثناء لكن على ارض الواقع تختلف الأمور. مخاوف «اللاّمؤتمر» ثمة قناعة لدى كل الندائيين بلا استثناء أن نداء 2014 ليس نداء 2019 وأن النجاح الانتخابي الباهر الذي حققه في التشريعية والرئاسية قبل 4 سنوات دون تنظيم مؤتمر من الصعب أن يتكرر هذه المرة بالصورة وبالظروف نفسها. فالنداء اليوم بشهادة كل المُتابعين مازال تحت وطأة التجاذبات ورغبات بعض الأطراف في السيطرة وهو ما يجعل صورته مختلفة عن صورة 2014 التي كانت مُجمّعة كلها آنذاك «تحت إمرة» قائد واحد وهو مؤسّسه الباجي قائد السبسي. اليوم يجلس المؤسس و«آمر الأمس» بعيدا عن الحزب وربما في وضعية غير القادر على الأمر والنهي أوعلى فرض الانضباط، وذلك لعدة اعتبارات أولها توليه منصب رئيس الجمهورية الذي لا يخول له النشاط الحزبي وثانيها ما يتحدث عنه المراقبون حول إضعاف دوره في الحزب من قبل بعض القائمين اليوم على شؤون النداء. نسق حثيث في المدة الأخيرة لا حديث لدى قادة النداء إلا عن الاستعداد للمؤتمر الانتخابي مطلع مارس القادم وعن «الرغبة في انجاحه» وعن انه لا مناص من تنظيمه إذا رغب الحزب في لعب دور متقدم في الانتخابات القادمة. وهو ما أكده في مرحلة أولى تكوين لجنة اعداد المؤتمر التي يترأسها رضا شرف الدين واعداد خارطة طريق لبرنامج الاعداد للمؤتمر. كما كشفته مؤخرا التصريحات الاعلامية لناجي جلول وسفيان طوبال وبوجمعة الرميلي وعبد العزيز القطي ورؤوف الخماسي وأنس حطاب ورضا بلحاج. وكشفه ايضا النسق الحثيث منذ بداية العام لاجتماعات التنسيقيات الجهوية الموسعة والندوات الجهوية لعقد المؤتمر التي انعقدت بكل من قابس ومدنين والمهدية ومنوبة ونابل والقيروان باشراف مختلف القياديين .. كما أن أعضاء لجنة الاعداد للمؤتمر أطلعوا مؤخرا الرئيس الشرفي للحزب الباجي قائد السبسي على تقدم الأمور التقنية في إنجاز المؤتمر والمراحل التي تم قطع إلى حد الآن. حرص الباجي ومطلع الاسبوع، اجتمع مؤسس الحزب ورئيسه الشرفي الباجي قايد السبسي بوفد من حركة نداء تونس ضمّ المدير التنفيذي حافظ قايد السبسي وأنس الحطاب وسفيان طوبال ورؤوف الخماسي ووفد يمثّل لجنة الإعداد لمؤتمر الحركة يتألف من رضا شرف الدين وبوجمعة الرميلي. وقد تبين بعد اللقاء ان الباجي قائد السبسي «فرض» على الندائيين ضرورة انجاح المؤتمر لن ذلك سيضمن على حد قوله تواصل تماسك الحزب و»تثمين» مكاسبه الماضية وانهاء ازمته واعادة الثقة لقواعده واستعادة «ابنائه» وتوسيع قاعدته نحو كفاءات غير ندائية ونجاحه في التشريعية القادمة لا يكون إلا بنجاح المؤتمر وبافراز قيادة «واضحة ومقنعة». كما تبين أيضا انه خلال هذا اللقاء كان الباجي حريصا على ان ينجح المؤتمر حتى يواصل النداء لعب «الدور الوطني» الذي اضطلع به منذ تأسيسه في 2012 وهو إعادة التوازن السياسي في البلاد وواصله بعد نجاحه في انتخابات 2014 رغم الأزمات التي مر بها. تقلبات رغم التفاؤل والحرص الذي ابداه الندائيون والرئيس الشرفي إلا انه على صعيد آخر، لا ينكر المتابعون تواصل شيء من التململ داخل الحزب أدى إلى بعض التشكيك في امكانية تنظيم المؤتمر في موعده المحدد ( 2 مارس) وربما تأجيله مع محاولة بعض القياديين التاكيد في كل مرة على ان التاجيل هو اقصى ما يمكن ان يترتب من تعطيلات وانه لا مجال للحديث عن الغاء عقد المؤتمر بصفة نهائية. اما سبب هذه التقلبات فيبدو انه على علاقة بما يدور داخل الحزب نفسه وايضا لدى المتابعين خارجه عن وجود رغبة لدى بعض الندائيين في التخطيط ل»الاستحواذ» على القيادة وذلك عبر تنظيم مؤتمر تعددت حوله الاسماء والاتهامات بين «صوري» و»شكلي» و»غير ديمقراطي» و»على المقاس»... بين التأكيد والتأجيل تم تحديد موعد 2 و3 مارس 2019 لتنظيم المؤتمر الانتخابي لنداء تونس. غير أن البعض تحدث عن إمكانية تأجيله إلى ما بعد انعقاد القمة العربية التي ستنتظم بتونس موفى مارس 2019.. نجاح المؤتمر: ترشح الباجي للرئاسية خلال لقائه يوم الاثنين الماضي بوفد عن نداء تونس ربط الباجي قائد السبسي إعادة ترشحه للرئاسية القادمة ( ؟التي يتحمس إليها أغلب الندائيين) بنجاح المؤتمر الانتخابي. تململ أبناء الوطني الحر من بين الصعوبات التي يواجهها تنظيم مؤتمر النداء يتحدث البعض عن وجود تململ لدى ابناء حزب الوطني الحر الذي سبق ان اندمج مع النداء ومخاوف لديهم من امكانية تهميشهم في المؤتمر ومحاولة المس من حظوظهم في الترشح خاصة في ظل ضبابية وضعية رئيس حزبهم ( سابقا) سليم الرياحي وغيابه عن تونس.