لاشك أن هذا الموقف مقدر. ولكن له ملابسات أبرزها تعرض حماس لانتقادات شعبية إزاء الاسلوب المتخذ من قبل الكيان الصهيوني والذي تعمدت مؤخرا أن يكون صلفا وفظا ووقحا بهدف الإهانة والإذلال من خلال ربط إدخال الأموال بهدوء مسيرات العودة وعدم استخدام أية وسائل تفسر بأنها عنيفة مثل البلالين الحرارية وغيرها وكذلك ربطها بإجراءات بيروقراطية واشتراطات معينة أبرزها تحويلها على البريد ثم الى أحد البنوك. وهو بنك فلسطين الذي أعلن رفضه تنفيذ ذلك علما أن حماس في علاقتها مع قطر وتفاعلها الإيجابي مع الأموال كانت تريد في أحد أهدافها غير المعلنة الاعتراف بشرعيتها وإخراجها من دائرة الحصار والاتهام بالإرهاب تدريجيا. وعليه فإن رفض حماس شروط المنحة يجب تشجيعه باتجاه الاستدارة نحو المصالحة بوصفها البوابة الانسب والوحيدة لحل مشكلة موظفي حماس ومشكلات القطاع وخاصة تجاه الحصار. ولكن أعتقد أن حماس مازال خيارها حل المشكلة فرديا في غزة بمعزل عن السلطة التي أعطت المبررات لهذا الخيار الفردي عبر الإجراءات المفروضة منها تجاه غزة وخاصة الموظفين العموميين وبعد قرار حل التشريعي وسحب موظفيها من معبر رفح علما أن حماس أعطت ايضا مبررات لذلك عبر المضايقات والاستدعاءات وعبر التنازع على الشرعية. وآخر هذه الخطوات كان يتجسد بإعلان عدم شرعية الرئيس والتحريض عليه امام الأممالمتحدة وقمة 77+الصين. قراءتي للمشهد القادم وآمل أن اكون مخطئا تكمن باحتمالية الصدام العنيف بين حماس ودولة الاحتلال و اعتقد انه سيكون محدودا بالعودة الى السؤال الاستراتيجي ماذا بعد على ضوء الاستفادة من تجارب الصدامات المسلحة السابقة . ستثبت حماس من وراء المواجهة المحسوبة و المحدودة استمرارية تمسكها بخيار المقاومة ورفضها للابتزاز المالي .وسيثبت نتنياهو بأنه الأكثر يمينية وتطرفا في بازار الدعاية الانتخابية. وستتعزز فرصة أكثر اذا تم بعد ذلك تحقيق صفقة تبادل للأسرى التي بالتأكيد ستكون إنجازا وطنيا ولحركة حماس ايضا. وعليه فإن تثميننا لموقف حماس برفض الابتزاز المالي للمنحة القطرية يجب أن يكون مترابطا بالضرورة بقدرة الكل الوطني وبالقلب منه التجمع الديمقراطي بإقناعها بمغادرة الرهان على هذا الخيار والاستدارة لخيار المصالحة بوصفها البوابة الوحيدة القادرة على معالجة معظم أزمات شعبنا.