من المحزن أن نستمع إلى قصص وفاة تونسيين تأثرا بموجات البرد، بعد ما قامت في البلاد ثورة رفعت شعار الكرامة للتونسيين، لكنها لم تدخل الدفء إلى مفاصل جهاتها الداخلية. ومن العار أن يقوم السياسيون اليوم بالتبجح بمشاريع وخطابات وبرامج تنموية والحال أن ميلاد أكثر من 200 حزب سياسي لم يمنع عن التونسيين الاحساس بالبرد، والمعاناة بأمراضه.. والحال أيضا أن أغلب النخب السياسية ما زالت في برجها العاجي، لا تنظر إلى مشاغل الفقراء إلا أيام المآسي، لكن أناتهم سبقت الوصول إلى قلوب الغرباء. تونس اليوم ليست محتاجة إلى مساعدات الخارج، ولا إلى هبات أشبه بالإهانات، فهي في حاجة إلى وعي المسؤولين وقيامهم ببرامج استباقية تقي من البرد والمعاناة وترجع للتونسيين كرامتهم.. والتونسيون في حاجة إلى من يعلمهم كيف يصطادون خيرات مناطقهم، ويتدثرون بجمال خيراتها ويستثمرونها، لا إلى من يحولهم إلى عالة ومحتاجين. مساعدة المحتاجين والوقاية من الكوارث هي واجب وطني على الحكومة والمسؤولين والسياسيين المتبجحين بأحزابهم، لكنها أيضا «عقلية» يجب أن تعود إلى المواطن المعروف بتضامنه وأنفته وكبريائه. فالتونسي يستحق أن تكون أمطاره خيرا، وثلوجه أشبه بفساتين الزفاف الضاحكة، وشتائه خيرا وبركة لا تعاسة ومصائب.