عبّر حقوقيون وناشطون في مجال البيئة عن اعتراضهم على منح السلطات التونسية تراخيص صيد حيوانات مُهدّدة بالانقراض لسياح من الجنسيّة القطريّة. وقد استنكروا عودة هذه الممارسات بعد غيابها نحو 8 سنوات. حيث لم تعرف صحراء توزر مثل هذه الانتهاكات بعد الثورة. تونس (الشروق) انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مُصوّرة تُظهر عدداً من سيارات الدفع الرباعي وهي تجوب الصحراء في رحلة صيد تحت حراسة أمنية وبدعم من مروحية يبدو أنها كانت ترشدهم الى أماكن تواجد حيوانات عديدة مُهدّدة بالانقراض، من بينها أنواع نادرة من الغزال وطائر الحبارى قصد صيدها. وهو ما أثار استياء واسعا حول استباحة الأراضي التونسية وثروات البلاد الحيوانية. المجتمع المدني يندد وقد وجّهت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان رسالة يوم الأربعاء 23 جانفي الى الرئاسات الثلاث في البلاد للتدخل في ما وصفته ب»الاعتداء على الثروة الحيوانية من طرف قوافل الإبادة القطرية». وقد استنكرت الرابطة ''المرافقة الرسمية من قبل الأمن ومسؤولي حماية الغابات» لهذه القوافل، موضحةً في بيان رسمي أن شهود عيان أكّدوا وجود قافلة من السيارات القطرية رباعية الدفع في المناطق الصحراوية الواقعة شمال ولاية توزر وشرقها (العودية وقرعة الحصان والقبقاب والحناك ووادي الزريزير). ولاحظت الرابطة أن القافلة المدعومة بطائرة هليكوبتر كانت تُلاحق الغزلان والأرانب وطيور القطا والحبارى باستخدام «الصقور القانصة والأسلحة والمناظير الدقيقة». ودعت إلى «تدخّل عاجل» لإيقاف الاعتداء على الثروة البيئية واتخاذ التدابير الكافية لمنع تكرارها مستقبلاً وفق ما ينص عليه الفصل 45 من دستور 2014. كما نددت جمعيات صيادين بتوزر يوم الأربعاء 23 جانفي بعودة التجاوزات في "تخييم" عدد من الأمراء من دول الخليج العربي واصطيادهم الغزال وطائر الحبارى بطرق عشوائية ودون رقابة الأمر الذي أثار حفيظة مكونات المجتمع المدني بالجنوب التونسي. وأكّد أعضاء جمعية الصيادين بتوزر تعرضهم للاعتداء من قبل هؤلاء الخليجيين والأمنيين المرافقين لهم إثر تصديهم لاختراقهم قانون الصيد بالجهة. وأشاروا إلى خطورة الظاهرة خاصة أنها قد تؤدي إلى استنزاف الثروة الحيوانية. كما طالبت الجمعية في نفس البيان بضرورة التدخل لوقف هذه الانتهاكات الواضحة لثروات البلاد التونسية. تصريحات متضاربة وقد لاحظ المتابعون لهذا الملف أن التصريحات الرسمية جاءت متضاربة. و ما يزيد في دعم الشبهة وجود انتهاكات بيئية. فبينما صرّح والي توزر صالح مطيراوي خبر «وجود أدلة وإثباتات مؤكدة على انتهاك أجانب لتراب البلاد من خلال الصيد غير القانوني في الجنوب التونسي لأنواع الحيوانات» وذلك خلال تصريحه لإذاعة قفصة. واعتبر أن «الصور التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي قديمة»، مضيفا أنه «من المستحيل السماح لأي شخص بدخول البلاد دون ترخيص»، ونافياً في الوقت نفسه وجود غزال في الصحراء التونسية. وأشار الوالي إلى أن شقيق أمير قطر يزور بلادنا مع مرافقيه منذ السبت الماضي. وتم التنسيق مع رئاسة الجمهورية لحمايتهم خلال جولاتهم ل»الاستمتاع بالطبيعة» في الصحراء التونسية. وفي ذات السياق نفى سليم الطريقي، المدير العام لإدارة الغابات في وزارة الفلاحة التونسية، منح أي ترخيص لأمراء قطريين من أجل الصيد في الجنوب التونسي، مشيراً إلى أن هناك قوانين واتفاقيات تنص على منع صيد الحبارى. وفي المقابل أصدرت وزارة الدفاع التونسية توضيحا أول أمس الخميس 24جانفي بشأن تحليق طائرة مروحية أجنبية بمنطقة توزر أنّ الأنشطة الجوية للمروحية المعنية (المرافقة للقافلة) مرخّص لها من قبل الهياكل الرسمية. وتحترم قواعد الجولان الجوّي المدني وسلامة الطيران، معتبرة أن بقيّة الأنشطة الترفيهية المرتبطة بها خارج مشمولات وزارة الدفاع. وتعود بالنظر إلى هياكل أخرى ذات الصلة. وجاء في البلاغ أيضا أنّ المروحية المذكورة تحصّلت على ترخيص من المصالح المختصة بوزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، مرجع النظر في مجال أعمال التصوير الجوي بكامل التراب التونسي، للقيام بأعمال تصوير جوّي للمناظر الطبيعية والصحراوية بعيدا عن المناطق العمرانية والحدودية وذلك انطلاقا من مطار توزر الدولي بالتنسيق مع مصالحه قبل بداية كلّ عملية طيران وإثرها. وفي اطار متصل ذكر الأستاذ عامر الجريدي خبير في شؤون البيئة والتنمية المستدامة ل»الشروق» أن «هناك تضاربا بين ما أفاد به والي توزر وما جاء في بلاغ وزارة الدفاع. وكلاهما لم يفدْ إن حصل فعلا صيد جائر من أطراف أجنبية هذه الأيام أم لا؟». وأضاف أن الصحراء التونسية تشتمل على منظومة بيئية لها خصوصياتها. وبها حيوانات برّية يعدّ صيدها ممنوعا في التشريع التونسي وفي القانون الدولي وفي المعاهدات التي وقعت عليها تونس، مثل الغزال وطائر الحبارى. وما يحدث منذ سنوات هو من قبيل الصيد الجائر المحجر».