رحم الله زمانا كان فيه التعليق الرياضي متعة للمستمعين في الإذاعة الوطنية، فرجة رائقة للمشاهدين في التلفزة ... زمن الراحل الطاهر مبارك ومحمد بن خليفة والمختار بكور وإسماعيل التريكي ومحمد بوغنيم ورشيد السوسي ورشيد العيادي ورؤوف بن علي وعبدالحميد بن حميدة والحسين الوادي ومحمد الكيلاني ورضا العودي والمنذر بن عمر ومحمد المدب وعبد الحميد رقاز وعلي الصافي ... وغيرهم من الذين لا تستحضرهم الذاكرة ... جيل من المعلقين كان التعليق عندهم ابداعا وفنا ومتعة وحضور بديهة واحتراما لقواعد اللغة العربية ... جيل المتعة والفرجة والتفاعل الإيجابي مازالت ملامحه تتجلى بوضوح مع المنجى النصري ولبيب الصغير وعماد بن عمارة وشهير الكافي وغيرهم من معلقي الإذاعة الوطنية ..دون ان ننسى خليفة الجبالي والمكي الجريدي ورشيد البكاي... ولئن برز المعلقون الرياضيون في الإذاعة الوطنية بتفوقهم واتقانهم فن التعليق , فانه للأسف لا ينطبق هذا الامر بشكل جلي وواضح على معلقي الرياضة في التلفزة الوطنية... فانه وللأسف بعد انتقال أسماء في قيمة عصام الشوالي ورؤوف خليفة ومعز بن شويخه ونوفل الباشي بدرجة أولى الى فضاءات أخرى ..خفت بريق التعليق الرياضي التلفزي حتى لا أقول انه اصبح نقطة الضعف الكبرى في هذا المجال الذي يتطلب دربة وحضور بديهة وتركيزا كاملا على اللقاء بكل ما يعيشه من تغيرات ... مما يعنى ان يترك المعلق المقابلة جانبا ليحدثنا عن البحر وان السماء صافية تساعد على لعب كرة القدم ... وما معنى ان يتم تسجيل هدف والمعلق مازال يتحدث عن الخطة التكتيكية... وما معنى هذه العبارات من قبيل «له حاسة شم الأهداف «.. وغيرها ... ما معنى ان يلوك المعلق معلومات يعرفها القاصي والداني على امتداد توقيت اللقاء ... انها الثرثرة التي تدمر في المشاهد متعة متابعة المقابلة الرياضية ... وما معنى هذا الاعتداء الفظيع على قواعد اللغة العربية ثم هذا الصراخ دون موجب ... يتفق اهل الشأن الرياضي على ان المعلق الرياضي لا يصنع نتيجة المباريات، لكنه نبض الملعب وهمزة الوصل بينه وبين المتلقي وقد يكون سببا في أن تفقد بعض المباريات القوية بريقها، إذا كان المعلق دون المستوى المطلوب، وكان أداؤه باهتا حتى وإن تحلى بالحياد، فليس دائما خير الأمور الوسط. لسنا في وضع إعطاء الدروس والمواعظ لأي كان، بل ان ما يعيشه التعليق التلفزي الرياضي في تونس اليوم يدفع بالمشاهد في اكثر الأحيان إلى إسكات صوت المعلّق الرياضي من جهاز التلفزيون وهو يتطلب مراجعة ضرورية ووقفة حازمة على اعتبار ان التعليق الرياضي فن ومتعة أولا يكون.