مثّل اعلان الجيش الليبي عن بدء عملية عسكرية شاملة في الجنوب، لتطهيره من الإرهابيين والجماعات المسلحة الدخيلة، تطورا كبيرا طال انتظاره في هذه المنطقة الشاسعة، التي ستحقق استعادتها عددا من الأهداف العسكرية والاستراتيجية في اتجاه تحرير الأراضي الليبية كافة، فالحدود التي تمتد على طول 4389 كيلومترا وتتقاسمها ليبيا من الجنوب مع السودان وتشاد والنيجر، أضحت هاجسا أمنيا ومعبرا مفتوحا للجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية، لتشكل عائقا أمام استعادة الأمن وتوجيه التنمية في مناطق الجنوب. المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري، كان قد أعلن جانفي الماضي عن انطلاق عملية عسكرية شاملة لتحرير مناطق الجنوب الغربي، محددا أهداف العملية بتأمين سكان المناطق من الإرهابيين من تنظيمي «داعش» و»القاعدة» والعصابات الإجرامية، والمحافظة على وحدة وسلامة التراب الليبي، وتأمين شركات النفط والكهرباء العاملة والمشاريع الزراعية بالمنطقة، وإيصال الخدمات الضرورية للمواطنين وإيقاف الهجرة غير الشرعية. إن الجنوب الليبي يمثل أهمية استراتيجية كبيرة في المعركة التي يخوضها الجيش الليبي من أجل استعادة الأمن والاستقرار في أنحاء البلاد كافة، فعبر أطرافه المترامية تجد الجماعات الإرهابية مساحة كبيرة للتمركز والاختباء، وأيضا قواعد انطلاق لشن عملياتها ضد المدن الليبية، كما يسهم الجنوب الليبي بنحو نصف إنتاج ليبيا من النفط بمقدار نصف مليون برميل يوميا، بينما يشكل انتشار الجماعات المسلحة تحديا أمام التنمية الاقتصادية في هذه المناطق. ويعتبر نجاح الجيش الوطني في تحرير مناطق الجنوب إنجازا عسكريا هائلا لأنه لن يتبقى أمام الجيش بعد ذلك سوى الشريط الساحلي الشمالي الممتد من مصراتة إلى منطقة الزاوية بطول 270 كيلومترا، بحسب ما أعلن المسماري، الذى أكد فى تصريحات صحفية أن وحدات من الجيش كانت متواجدة في سبها، كبرى مدن الجنوب، لكنها لم تكن كافية، لذا تأتي العملية العسكرية لتعزيز وجود الجيش والقضاء على الجماعات الإرهابية، كما سيعتمد الجيش على وحدات خاصة استفادت كثيرا من معركة تحرير درنة في جوان العام الماضي ، وأصبحت لديها خبرة في القيام بعمليات واسعة.