يراقب فتحي التليلي منذ عقود وضعية العمال التونسيين بالخارج وذلك بحكم إسهامه في العمل الجمعياتي وتوليه في السنوات الأخيرة رئاسة "اتحاد العمال التونسيين المهاجرين" الذي يتخذ من باريس مقرا له . "الشروق " التقت فتحي التليلي واجرت معه الحوار التالي بحكم مواكبتك للحراك الاجتماعي الذي تعيشه فرنسا منذ اسابيع كيف تنظر لظاهرة «السترات الصفراء» ؟ هناك تغييرات في السياسة العامة الاوروبية وخاصة الفرنسية . لقد انجزت المانيا الشوط الاول في التغييرات الليبرالية المتوحشة من خلال عملية التوحيد التي ادت الى تقنين الاستغلال الفاحش لميناء الشطر الشرقي لألمانيا وتكفي الاشارة هنا الى ان الاجر الأدنى الصناعي في المانيا لا يتجاوز 400 اورو في حين يبلغ حاليا الضعف في فرنسا. وخلف النجاح الالماني فقرا فظيعا واستغلالا فاحشا للعمال . ماكرون يريد السير على نفس الطريق من خلال تغيير قوانين الشغل وخوصصة الخطوط الحديدية الفرنسية التي تمثل رمزا من رموز القطاع العام الفرنسي ومعقلا من معاقل الحركة النقابية هذا دون ان ننسى خوصصة المطارات والموانئ وهنا نذكر التفريط في ميناء لوهافر للصينيين . حركة «السترات الصفراء» تمثل رد فعل اجتماعي قوي وهبة شعبية ضد التوجه الليبرالي المتوحش لماكرون . واعتقد ان التقاء السترات الصفراء مع الحركة النقابية التقليدية الذي تجسد في الاضراب العام الناجح ليوم 5 فيفري الجاري اوضح للحكومة الفرنسية انها لا تستطيع ان تمرر بسهولة الاجراءات التي تنوي تمريرها واعطى املا جديدا للحركة الاجتماعية حول قدرتها على ايقاف سياسات استهداف العمال والمتقاعدين وضرب المكاسب الاجتماعية . لقد عاد التفاؤل في امكانية التصدي لليبرالية المتوحشة . ما هي انعكاسات سياسات ماكرون على الهجرة والمهاجرين؟ سياسات ماكرون تقوم على التضييق على الهجرة الاتية من الجنوب . لقد وضع اسسا جديدة تمس حتى من الحق في اللجوء السياسي من خلال تقنين حد اقصى للنظر في مطلب اللجوء لا يتجاوز ستة اشهر . ان الرئيس الفرنسي يحاول تنقيح القوانين القديمة واجبار الحكومات على تقبل وتسهيل عودة المهاجرين غير الشرعيين وادعو بالمناسبة الحكومة التونسية للتصدي لهذه المحاولات . واما بالنسبة للمهاجرين فيشكون من نفس المشاكل التي تشكو منها الطبقة العاملة الفرنسية والتي ترتبط بالشغل والسكن والصحة والتغطية الاجتماعية .و هو ما يفرض الى جانب دور فاعل للحكومة التونسية في الدفاع عن المهاجرين وتأطيرهم انصهار المهاجرين التونسيين في نضالات الطبقة العاملة الفرنسية دفاعا عن وحدة الطبقة العاملة وهذا من مهام الجمعيات . هذا ما يحيلنا الى دور وبرامج اتحاد العمال المهاجرين التونسيين بفرنسا . ما هي اهم محاور تحركاتكم؟ هناك عمل يومي نقوم به من اجل تثبيت الهوية العربية والتوجه الديمقراطي للجالية التونسية والمغاربية بشكل عام من خلال تدريس اللغة العربية ومساعدة الشباب على الاندماج في الدورة الاقتصادية ولهذا فإننا نقوم بأنشطة متعددة من خلال تدريس العربية وتوفير مساعدة في التوجيه المهني والقانوني للمهاجرين علاوة على تأطير المرأة المهاجرة من خلال استهدافها بأنشطة ثقافية للخروج من الاحياء والتوجه للمسارح والمعارض ولدينا حاليا مشروع للتشجيع على الانتاج السمعي-البصري. لدينا اتصال متواصل مع الاتحاد العام التونسي للشغل وبرامج مشتركة لإسناد الانتقال الديمقراطي ولدعم الاقتصاد التضامني والسياحة الاجتماعية وقد شركنا في هذا البرنامج النقابات المغربية والجزائرية وسننظم بفضل دعم الاتحاد العام التونسي للشغل ملتقى دوليا في شهر افريل تحتضنه توزر يستهدف متقاعدي اوروبا وحوض البحر المتوسط . ما هي اوجه تعاون اتحاد العمال المهاجرين بفرنسا مع الاتحاد العام التونسي للشغل؟ لا بد من الاشارة الى ان هذا التعاون هو عامل من عوامل اعتزازنا لأن للاتحاد العام التونسي للشغل اشعاعا على الحركة النقابية العالمية وذلك بفضل نضالات اجياله المتعاقبة منذ التأسيس والتي تأكدت بإحرازه على جائزة نوبل للسلام . نحن نسعى للتعريف بنضالات العمال والنقابيين التونسيين واسنادها وتفسيرها للراي العام النقابي والعمالي الاوروبي ولدينا مع الاتحاد العام التونسي للشغل -الذي اتوجه بالمناسبة بالتحية لهيئته الادارية ومكتبه التنفيذي وأمينه العام الاخ نورالدين الطبوبي - برامج في التثقيف العمالي وبرامج اخرى سنكشف عنها قريبا الى جانب اسهامنا في بناء علاقات تعاون وتوأمة بين الجامعات النقابية التونسية ومثيلاتها في فرنسا وهناك ايضا مشروع توأمة نقابية بين صفاقس ومرسيليا وسنعمق هذا التوجه من اجل تشبيك نقابي كامل بين عمال الجنوب وعمال الشمال.