بكل تأكيد يمكن اعتبار «محتشد» الرقاب الذي ثارت حوله ضجة كبرى في الفترة الأخيرة بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة. هذا المحتشد الذي نبت أو استنبت في مكان قفر لضرورات التمويه والتواري عن عيون الناس وعن عيون الأمن لم يكن مجرد بناية «بريئة» وجدت لتعلم القرآن فقط ولتلقن مكارم الأخلاق فتلك أساسيات تضطلع بها الكتاتيب وحتى رياض الأطفال. هذا المحتشد زرع في إطار توجه كامل تحرص على تجسيده بعض الأطراف المشبعة بالفكر الديني المتشدد وتهدف من ورائه في الأخير إلى تغيير صبغة وطبيعة المجتمع وإلى تهيئة الأرضية لقيام مجتمع آخر على مدى منظور مجتمع لا علاقة له بنمطنا المجتمعي الحداثي ولا بقيم وتعاليم إسلامنا المعتدل. وفي حين تغرق النخب السياسية في التجاذبات والمناكفات وصراعات الانتخابات والكراسي ينصرف دعاة التشدد إلى العمل في عمق المجتمع بلا ضجيج وبعيدا عن الأضواء.. ويمضون في استقطاب الأولياء وغسل أدمغتهم لتسليمهم فلذات أكبادتهم ليزرعوا فيهم سموم فكرهم المتشدد ويحولوهم إلى قنابل موقوتة مع تأجيل الانفجار. هل تنتبه الدوائر الرسمية والأمنية خصوصا إلى خطورة هذا التيار على الدولة وعلى المجتمع وعلى الاسلام المتنور والمعتدل. وهل يتم التحرّك لوأد هذا التيار قبل أن يتمكّن ويجرف الجميع؟ سؤال يبحث عن جواب شاف نتمنى ألا يضيع في زحمة الخلافات والصراعات والحسابات السياسية.