حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    هل التونسيون معنيون بالمتحور الجديد للكورونا Flirt؟    الكاف: مهرجان ميو يحتفي بفلسطين    وزيرة الأسرة تستقبل وزيرة التّنمية الاجتماعيّة بسلطنة عمان    فيضانات تغرق هذه المناطق    جمعية المحامين الشبان تودع شكاية في التعذيب وتدعو رئيس الجمهورية إلى الاطلاع على ملف بوزقروبة    القيروان انقاذ طفل سقط في بئر    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحيين الى القيام بالمداواة الوقائية ضد مرض "الميلديو" باستعمال أحد المبيدات الفطرية المرخص بها    كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار – مدير عام معهد الإحصاء    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    الإعلامي زياد الهاني يمثل أمام القضاء..    آخر كلمات الإعلامي الرياضي أحمد نوير قبل رحيله...رحمه الله    خلال شهر أفريل : رصد 20 اعتداء على الصحفيين/ات من أصل 25 إشعارا    البنك الأوروبي لإعادة الأعمار وشركة خاصة يوقّعان إتفاقيّة تمويل مشروع للطاقات المتجدّدة بفريانة    القيروان: الاحتفاظ ب 8 أشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوت هويّة ويعملون بشركة فلاحيّة    سيف الله اللطيف ينتقل الى الدوري الهولندي الممتاز    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    سليانة: توقّعات بتراجع صابة حب الملوك في مكثر    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    سيدي بوزيد: وفاة كهل وزوجته في حادث مرور    قابس: عدد الأضاحي تراجعت هذه السنة    إتحاد الفلاحة : كتلة أجور موظفي إتحاد الفلاحة 6 مليارات و700 ألف دينار    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    حجز 900 قرص مخدر نوع "ايريكا"..    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    غزة.. سقوط شهداء في غارة إسرائيلية على مدرسة    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف: الدخول للمتاحف والمواقع والمعالم الأثرية مجانا للتونسيين والأجانب المقيمين بتونس    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الشروق : مدرسة الرقاب... قطرة كشفت مسرحية «التنافق»!
نشر في الشروق يوم 05 - 02 - 2019

الصخب الذي أثارته المدرسة «القرآنية» أو الداعشية في الرقاب جاء ليعري مسرحية «التنافق» التي دخلتها البلاد منذ 2011. مسرحيّة حوّلت البلاد إلى شيء يشبه «القدر الكبير» الذي يغلي داخله كل شيء ولا أحد يعرف نوعية الطبخة التي ستفتح عليها عيون التونسيين حين تنضج هذه الطبخة ويحين وقت التعرف عليها. في هذا القدر الكبير كل اتجاه وما أكثر الاتجاهات والأفكار والتوجهات «يغني على ليلاه».. وكل صاحب فكرة يصارع لأجلها في السر والعلن ويكابد لأجل انضاجها وتوفير المناخات الملائمة لها كي تتفوّق وتسود وبالتالي تمسّك المقود وتنصرف إلى تكريس النمط المجتمعي الذي تريده وتحلم به.
وقد جاءت ما يسمى حقبة التوافق لتزيد في تعميق أجواء التنافق ولتوفر الأجواء الملائمة لتواصل الحفلة «التنكرية» التي ينتصر فيها الجميع إلى قاعدة التوافق والتعايش في العلن... وينصرف فيها كل طرف لتوطيد أركان مشروعه في السر. والأدهى وسط كل هذا أن هذه المسرحية قد أصبحت قاعدة لعبة... قاعدة تواصلت حتى بعد أن أعلن رئيس الدولة انهاء التوافق بطلب من حركة النهضة وانه أصبح في حلّ من أي تواصل أو تنسيق طالما ان الحركة قد انحازت لرئيس حكومته مما عدّ عمليا إنهاء لما يسمى «توافق الشيخين». ووفق قاعدة «اللعبة التنافقية» فإن كل الأوراق مكشوفة. من يمسك بزمام السلطة يعرف خفايا أوراق حلفائه أو خصومه... ومن هم في ائتلاف الحكومة أو خارجه يعرفون أن السلطة تعرف. ومع ذلك ينصرف كل طرف إلى شأنه وكأن لا أحد يعرف ولا أحد يحصي الحركات والسكنات ولا أحد يدرك حجم وطبيعة المتناقضات.
هذه الأجواء الغائمة توفر مناخات مثالية لانتشار ما يسمى الجمعيات والمدارس القرآنية والتي ثبت في حقيقة فكرا موغلا في التشدد. فكرا غريبا عن مجتمعنا وعن تقاليد مجتمعنا وحتى عن ثوابت إسلامنا التنويري المعتدل الذي دأب الشعب التونسي على اتباعه على مدى قرون طويلة والذي جعل بلادنا بجامع الزيتونة المعمور وبجامع عقبة في القيروان تتحوّل إلى منارة تضيء في العالم الاسلامي بتنويرها واعتدالها وإلى محطة ينطلق منها الاسلام إلى ما وراء البحر ليبلغ تخوم العاصمة الفرنسية باريس...
الفكر الذي تبشر به وتزرعه هذه الجمعيات التي تتدثر بفعل الخير (الخيرية) وهذه المدارس التي تختفي وراء تعليم القرآن وهو فكر وافد غريب ومنتهى طموحه هو «أفغنة» تونس على مدى متوسط وبعيد من خلال زرع بذور الفكر الداعشي المتطرف لدى أطفالنا وشبابنا الصغار تجسيدا لمقولة افتكاك أبنائهم طالما ان الكبار والناضجين قد شبوا وكبروا على قيم الحداثة والتطور وتحرر المرأة والدولة المدنية التي بناها الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة. ومع أن كل المسؤولين يعرفون وكل الأجهزة تعرف وحتى عامة الناس يعرفون بحقيقة ما يجري وينفذ في عمق المجتمع وبعيدا عن الأضواء وبلا أدنى ضجيج فإن مسرحية الصمت المتواطئ تتواصل ومعها يمضي القائمون على هذه الجمعيات والمدارس المتدعشة في حقيقة الأمر في تنفيذ مخطط إنضاج نمط مجتمعي داعشي على نار هادئة.. وفي أجواء من الصمت الذي لا تسبقه إلا فضيحة مدوية تفجّر بين فينة وأخرى كما حدث مع مدرسة الرقاب وهي فضيحة لا تلبث مثل سابقاتها أن يهدأ ضجيجها في انتظار زوبعة موالية ليتواصل صمت الحكومة وصمت الأجهزة وفرجة الناس على البلاد وهي تنحرف وتسير بخطى حثيثة نحو منوال متزمت متشدّد متشبع بالفكر الوهابي المتطرف الذي لن يبني إلا «طالبان» جديدة في تونس.
لقد دقت ساعة الحسم وعلى التونسيين نخبا وأحزابا وحكاما ومحكومين أن يتصارحوا وأن يختاروا وأن ينهوا مسرحية الصمت والسلبية والتواطؤ، لأنها مسرحية لا تفضي إلا إلى هدم أسس الدولة المدنية الحداثية التي نريد وإلى إرساء أسس «الدولة الطالبانية» التي يريدون.. لننظر إلى وجوهنا في المرآة ولنواجه كل الشوائب التي علقت بها ولنحدّد ماذا نريد وننطلق إلى إنجازه في إطار الوضوح والشفافية حتى لا نفاجأ بفضائح أشد قبحا وفظاعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.