لكنّ التسمّم بالمبيدات لا يقتصر فقط على بلدان الجنوب. ففي الولايات المتّحدة الأمريكيّة ارتفعت حالات التّسمّم بالمبيدات من 67 ألف حالة سنة1989 إلى 110 آلاف سنة2002 . في فرنسا كُلّف السّيد Jean- François Narbonne أستاذ في جامعة بوردو وخبير الأمم المتّحدة والفرع الفرنسي للسّلامة الصّحية والغذائيّة ليقيّم العلاقة بين التّلوّث الكيميائي بمادة Regent وموت أسراب النّحل. لاحظ هذا الخبير أنّه منذ سنة 1993 كانت السّلطات العموميّة على علم بهذه المخاطر وبالخصوص قابليّة هذه المادّة على التّسرّب إلى النّسيج الدّهني وللحليب والبيض ممّا يجعل الأطفال أكثر عرضة للتّسمّم. في سنة 2005 قامت المنظّمة العالميّة للدّفاع عن الطّبيعة بنفس الدّراسة على 13 عائلة أوروبية متطوّعة. تبيّن من خلال هذه الدّراسة أنّ كلّ النساء البالغات ما بين 12 سنة و92 سنة قد تسمّمن بخليط من 18 مادّة سامّة فأكثر وهي موادّ تتسرّب في مختلف أنسجة الجسم. يتسبّب استعمال المبيدات أيضا في تدنّي خصوبة الرّجال. فلقد أثبتت دراسات علميّة نشرت على أعمدة مجلّة Science المشهود لها علميّا بأنّ استعمال المبيدات المشابهة كيميائيّا للهرمونات الأنثويّة قد تتسبّب في تدنّي خصوبة الرّجال خصوصا في أوساط المزارعين. كما أنّ استعمال هرمون النّموّ في تسمين العجول يؤثّر هو الآخر على خصوبة الرّجال. من المعلوم أنّه منذ 1998 منعت البلدان الأوروبية استعمال هذه الهرمون لدى العجول ولكنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة وبعض بلدان الجنوب رفضت ذلك. لقد أثبتت دراسات علميّة وبالخصوص الدراسة التي قامت بها « Humain reproduction » ذلك. فمن خلال دراسة شملت 400 مواطنا أمريكيّا ولدوا بين سنة 1949 و سنة 1983 تبيّن أنّ السائل المنويّ للرّجال الذين استهلكت أمّهاتهم كمّية عالية من لحم العجول التي تغذّت بهرمون النّموّ كان أقل كثافة بنسبة 25% مقارنة بالمعدّل العام وقد أكّدت نفس الدّراسات على الحيوانات القارضة هذا الاستنتاج. قامت الولايات المتّحدة الأمريكيّة برفع قضيّة ضدّ الاتّحاد الأوروبي الذي يرفض استيراد اللّحوم من الولايات المتّحدة الأمريكيّة بدعوى أنّ ذلك يعتبر عرقلة لحرّية التّجارة وقد وقع تغريم الاتحاد الأوروبي ب116 مليون دولارا. حسب المعايير التي أقرتها المنظمة العالمية للصحّة فإن السائل المنوي ل50 بالمائة من شباب إسبانيا البالغين بين 18 و30 سنة عديم الجودة وبالتالي سيكون من الصّعب عليهم إنجاب الأطفال. ففي بيان صادر عن المعهد الإسباني Institut Marques ببرشلونة والمختص في مقاومة العقم وذلك في أكتوبر 2008 تبيّن أن السائل المنوي ل57,8 بالمائة من الشباب الإسباني مصاب بضعف الخصوبة. لا توجد إلى حدّ اليوم دراسات مقارنة بالنسبة لبلدان أوروبا الأخرى.