خلال المنتدى العالمي للمسؤولين عن سلامة الأغذية والذي أعدّته المنظمة العالميّة للأغذية والزّراعة والمنظّمة العالميّة للصّحة سنة 2004 لاحظ الدّكتور هيمان ديفيد ارتفاع المعدّل السنوي للوفيات الناتج عن الأمراض المعدية المنقولة بالمياه والأغذية في البلدان النامية إلى 2,1 مليون وفاة معظمها بين الرضّع والأطفال. أمّا في البلدان الصّناعيّة فتصيب الأعراض الجرثوميّة المنقولة بالأغذية ما يقارب 3 بالمائة من السّكان. يموت سنويّا 2 مليون مواطنا بسبب الأمراض المنقولة بالأغذية. فلقد تضاعفت حالات العدوى بالسلمونيلا «التي تتعدّى بالخصوص عن طريق الدّجاج الصناعي والبيض» 20 مرّة من سنة 1980 إلى سنة 2000 وذلك في أوروبا والولايات المتّحدة الأمريكيّة وهي لا زالت ترتفع من سنة لأخرى. فالبيانات الرّسمية الصادرة من الولاياتالمتحدة الأمريكيّة تؤكّد أنّ النسبة المائوية من عدوى السّلمونيلا التّيفيّة الفأرية المقاومة لأدوية متعدّدة و»التي تستعصى عليها» قد ارتفعت من 2 بالمائة سنة 1982 إلى 43 بالمائة في الماشية سنة 1996 وارتفعت لدى الإنسان من صفر بالمائة إلى 35 بالمائة وفى نفس الفترة. كلّ حلقة من السّلسلة الغذائيّة: إنتاج- تصنيع- نقل- تسويق- تمثّل فرصة لتلوّث الغذاء. أمّا الملوّثات الكيميائيّة كالدّيكسين فهي تتسبّب في عديد الأمراض كالسّرطان وأمراض الجهاز العصبي وجهاز المناعة وتدنّى الخصوبة لدى الرّجال واضطرابات في نموّ الرّضع والأطفال وتشوّهات خلقيّة.... في هذا الإطار وضعت المنظّمة العالميّة للصّحة شبكة عالميّة للاستخبارات الصّحية العموميّة لمراقبة حالات التعفّن والتّسمّم الناتجة عن تلوّث الغذاء. رغم وجود قوانين تحدّد المواصفات الصّحية للأغذية ووجود لجان الرّصد والمراقبة فإنّ هذا لم يمنع من ارتفاع حالات الإصابة الجرثوميّة والتّسمّم المتأتّية من الأغذية الصّناعيّة. فلقد حذّرت المنظّمة العالميّة للأغذية والزّراعة من خطر الاستعمال العشوائي للمبيدات خصوصا في البلدان النامية ولاحظت غياب المعلومات الكافية بشأن المبيدات لدى المزارعين ومشغّلي المعدّات والآلات الزراعية. أشار الخبير الزراعي فريديريك تيودور أنّ الكثير من معدّات الرّش في بلدان عديدة في حالة بائسة للغاية إذ تتّسع فوهاتها وتتسرّب منها نسبة عالية من المبيدات. ففي أغلب البلدان النامية لم يقع تدريب الفلاّحين على استعمال المبيدات وعلى احترام قواعد السّلامة مع أنّ هذه القواعد لن تحمى بصفة كاملة المزارعين والمستهلك. فلقد أثبتت دراسات فى الباكستان وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند ذلك حيث لاحظ الخبير عدم توفّر الملابس الواقية. من ناحية أخرى تكاد تنعدم التّشريعات في البلدان النّامية حول استعمال المبيدات. ففي كولومبيا يجرى رشّ الأزهار بالمبيدات أسبوعيّا بمعدّل يصل إلى 6 آلاف لتر لكلّ هكتار في حين تتعرّض بساتين البرازيل إلى الرّش بالمبيدات بكمّية تصل إلى 10 آلاف لتر للهكتار الواحد. من المعلوم أن الأطفال هم الأكثر عرضة لمخاطر التسمّم بالمبيدات.