لقد أثارت التصريحات المتداولة هذا الأسبوع عن الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الشركة التونسية للكهرباء والغاز موجة من الاستياء و الاستغراب لدى مجموعة كبيرة من فئات المجتمع التونسي اذ يعتبر اغلب التونسيين ان فاتورة الستاغ شهدت ارتفاعا متواصلا واضحت تثقل كاهل المواطن وعاملا من عوامل انخرام موازنته المالية فكيف يمكن ان تعاني هذه الشركة صعوبات مالية في ظل انتفاخ الفواتير وفي ظل الامتيازات الكبرى التي يتمتع بها اعوانها. وكالعادة عند ظهور الازمات فان التركيز يكون على المواطن الذي يبدو انه يدفع فشل السياسات الاقتصادية لوحده وفعلا تم تحذيره من قطع الكهرباء في حين انه كان من الاجدى التوجه الى ديون المؤسسات والمنشآت العمومية وغياب الحوكمة داخل الشركة والتقليص من الامتيازات التي تسند للأعوان ومطالبتهم بترشيد استهلاكهم تماما كالمواطن العادي فكلنا يعلم افراط استهلاك هؤلاء الاعوان للطاقة المجانية رغم نفيهم الحصول على امتيازات كبيرة في عديد المناسبات فالتضحية تكون جماعية ولا يتحملها المواطن «الاعزل» في كل مرة. والاهم من كل ذلك على الدولة ان تكثف دعمها لاستخدام الطاقات البديلة في توليد الطاقة المستديمة. وعموما لا يمكن ان ننفي مسؤولية المواطن في ازمة «الستاغ» المالية خاصة بعد الثورة حيث اضحى التهرب من خلاص الفواتير وعدم السماح للأعوان بقطع التيار الكهربائي امرا متواتر في عديد الاحياء الشعبية ولكن مسؤولية مؤسسات الدولة المتهربة من خلاص الفواتير اكبر فكيف يمكن للمواطن ان يبادر بخلاص فواتيره وهو يرى بعض النزل و المنشآت العمومية تتهرب من اداء هذا الواجب و يرى اعوان هذه المؤسسة يتمتعون بالكهرباء مجانا حيث اكدت دائرة المحاسبات ان كلفة الاستهلاك المجاني للطاقة من اعوان «الستاغ» بلغ 11 مليارا. وعموما فان استعادة هذه الشركة لتوازنها المالي لا يمكن ان يتحقق الا في اطار برنامج اصلاحي شامل ينطلق بحوكمة رشيدة والسعي الى استخلاص كل الديون دون استثناء مع ضرورة التخطيط المحكم لتوفير طاقات بديلة وبدون هذه المنظومة المتكاملة سيتواصل النزيف.