تشكو الشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ) منذ عدة سنوات من عجز مالي يقدر بنحو 2.5 مليار دينار أو 2500 مليون دينار. ومن المنتظر أن يتفاقم هذا العجز في قادم السنوات بما قد يؤثر لاحقا على جودة ونسق التزويد بالكهرباء، إذ انه رغم ضخ الدولة أموالا لسد هذا العجز في إطار دعم الكهرباء والغاز يتّضح أن العجز متأتّ بنسب مائوية كبيرة من ديون الشركة ونزاعاتها مع الحرفاء الذين عزفوا عن خلاص معاليم الفواتير منذ سنة 2011. وتقدر قيمة الفواتير غير المستخلصة إلى موفى فيفري 2014 بحوالي 523.9 مليون دينار بما يعني أنها في ارتفاع متواصل ومحير رغم الحملة التي أطلقتها الشركة في شهر ديسمبر من السنة الماضية والتي أعطت نتائج إيجابية بما ساهم في التقليص نسبيا من العجز حيث تم استرجاع حوالي 47 مليون دينار، إلا أنه سرعان ما عاد العجز للارتفاع مجدّدا في ظرف شهرين. وأمام تفاقم الوضعية وتداعياتها على التوازنات المالية للشركة تم مؤخرا مزيد تفعيل القسم القانوني والنزاعات بالشركة قصد الحصول على المستحقات المتعثرة للشركة. وفي هذا الإطار جمعنا لقاء بالسيدين منجي بوصبيع رئيس وحدة مشروع استخلاص ديون «الستاغ» وفيصل القروي مكلف بإدارة عمليات التوزيع الجهوي بالشركة اللّذين وجها نداء إلى حرفاء الشركة بوجوب اعتبار خلاص الفواتير من قبيل الواجب الوطني لاستمرار الشركة في أداء مهامها في التنوير الذي اعتبراه احد مقومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكونا أساسيا من مقومات الرفاه. وعبر المسؤولان عن أسفهما للوصول إلى مثل هذه المرحلة بعد الثورة بتفاقم ظاهرة التعنت والعزوف عن خلاص الفواتير التي قالا عنها إنها أثقلت كاهل الشركة. وشدد فيصل القروي على أن اللجوء إلى القسم القانوني للشركة وتفعيل النزاعات والتقاضي يمثل «أبغض الحلال» للشركة مشيرا إلى أنّه يتمّ اللجوء إلى هذه المرحلة بعد استنفاد جميع المراحل بدءا من التنبيه بضرورة استخلاص المتخلدات وإقرار تسهيلات في الدفع تصل إلى ثلاث مرات مرورا بالتنبيه بقطع الكهرباء ثم اللجوء إلى فسخ العقد وصولا إلى مرحلة التقاضي. وأكد القروي على أنّه للشركة نزاعات وقضايا منشورة لدى المحاكم معتبرا أن هذه المسألة هي اضطرار وليست خيارا. وكشف القروي في هذا الصدد أن للشركة 75500 ملف في طور النزاعات على المستوى الوطني جراء عدم خلاص فواتير بقيمة 35 مليون دينار بمعدل 466 دينارا لكل فاتورة غير مستخلصة ومحل نزاع. أرقام مقلقة من جانبه كشف منجي بوصبيع أن نزاعات «الستاغ» على مستوى عدم خلاص الفواتير منتشرة بصفة ملحوظة في المدن الكبرى وفسر هذه المسألة بالحركية السكنية الكبيرة التي تعرفها هذه المدن من خلال التغيير المتواصل لمحل السكنى في العديد من المناسبات. وقدم في هذا الجانب بعض المؤشرات التي قال عنها إنها محيرة ومقلقة حيث احتل إقليم تونسالمدينة المرتبة الأولى على الصعيد الوطني من حيث حالات النزاعات بسبب عدم خلاص الفواتير بتسجيل 11560 حالة نزاع في موفى السنة الفارطة بمتخلدات بقيمة 3.5 ملايين دينار من جملة 160 ألف حريف بالإقليم. وجاء إقليم نابل في المرتبة الثانية بمتخلدات بقيمة 3م.د منها 1.3م.د فواتير غير مستخلصة لمصنع بالجهة لا يزال يتلكأ في الدفع وجاء إقليم مدينة الزهراء في المرتبة الثالثة بنزعات جراء عدم خلاص الفواتير بقيمة 2.6م.د ومن الطرائف الذي كشف عنها محدثنا أن فاتورة استهلاك كهرباء بقيمة 32 دينارا لم يقع خلاصها منذ سنة 1974. ثغرات في التشريع وأقر فيصل القروي بوجود ثغرات في التشريع والقانون المنظم لعلاقة «الستاغ» بالحريف الراغب في إدخال التيار الكهربائي، إذ أن كل شاغر منزل يكفيه الاستظهار بوثيقة تثبت أنه يقطن في المنزل للحصول على عداد كهربائي على عكس الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه (الصوناد) التي تشترط عقد ملكية المنزل. إجراءات جديدة وبيّن المتحدث أن نسبة لا بأس بها من الحرفاء تتعمد التهرّب من خلاص فواتير الكهرباء بعد ثقل المبلغ المطالبين بدفعه بتغيير محلات سكناهم وفي إطار الحرص على تطويق مثل هذه الظواهر قررت الشركة بالتنسيق مع الأقاليم البحث عن الأشخاص الذين لهم متخلدات بذمتهم وغيروا محلات إقامتهم وعدم الاستجابة إلى مطالبهم بتمكينهم من عدّادات جديدة إلى حين تسديد ما تخلّد بذمتهم إلى جانب السعي للحصول على رقم بطاقة التعريف الوطنية للحريف المتهرب من الخلاص خاصة الذي قام بترك متخلدات بذمته وإلزامه بالخلاص. كما قررت الشركة تمتيع أعوان الاستخلاص بمنح وامتيازات إضافية عند نجاحهم في استخلاص عدد معين من الفواتير غير المستخلصة لدى الحرفاء.