قال حامد القروي قبل 3 سنوات إنه سيسلم «جميع مشمولات ومهام حزبه إلى عبير موسي…» قبل أن يعود اليوم ليعيب عليها عدم الحفاظ على الأمانة. موسي حادت بأفكار الحزب وتوجهاته وركزت على معاداة النهضة فما الذي تغنمه وهل إن غنيمتها أقوى من خسائرها؟. تونس الشروق «كل المسؤوليات في الحركة الدستورية ستكون من مهام عبير موسي وحاتم العماري الذين سيعملان على الإعداد لمؤتمر الحزب» هذا ما قاله السياسي المخضرم ومؤسس الحركة الدستورية حامد القروي خلال شهر مارس 2016 في مداخلة له على «شمس آف آم». بعد ثلاث سنوات عاد الوجه الدستوري والتجمعي ليقول مؤخرا في حوار صحفي أن «عبير موسي اتجهت نحو الشتم والسب والصراعات وأطردت «الدساترة». قبل أن ينتهي إلى أن «جل الدساترة تخلوا عن مساندتها». بين الأمس واليوم تغير اسم الحزب إلى «الحزب الدستوري الحر» وتغيرت القيادة وتغير الهدف من محاولة تجميع الدساترة ودفعهم إلى التعبير عن آرائهم والمنافسة في الانتخابات إلى «السب والشتم وإقصاء من لا يؤمن بأفكار موسي» على حد تعبير القروي، والأهم أنه بات يحصر عقيدته أو يكاد في معاداة النهضة والتهجم عليها. مجرد خيار النهضة هو الحزب الأول برلمانيا وبلديا وشعبيا وهناك مبررات عامة لإعلان مخاصمته فكل راغب في القوة يبنيها على منافسة الطرف الأقوى، كما نجد مبررات موضوعية لدى بعض الأطراف لمعاداة النهضة فبينها وبين الجبهة الشعبية مثلا عداء تاريخي عززه ادعاء الثانية بأن الأولى مسؤولة عن الاغتيالات التي طالت بعض قيادييها. هذا المبرر لا نجده لدى الدساترة ولا في الفكر الدستوري والدليل أن طائفة منهم لا تؤمن بالإقصاء ولا بالعداء بل بالمنافسة الشريفة (مثال المبادرة الدستورية والدساترة المفترض التحاقهم بحركة تحيا تونس فضلا عن الدساترة الذين التحقوا بنداء تونس قبل أن يتوافق مع حركة النهضة). هذا يعني أن معاداة النهضة مجرد خيار في العائلة الدستورية لا يمثل الدساترة كلهم بل الطائفة التي تؤمن ب»حل الحركة»، وضرورة «تطبيق القانون ضدها في علاقة بالإرهاب وتسفير الشباب إلى بؤر الصراع وفق تعبيرها» على حد تعبير عبير موسى قبل أيام عبر «راديو ماد»، ولكن ما السر وراء هذا الخيار؟. لفت الإنتباه هناك أسباب ذاتية وأخرى موضوعية، أما الذاتية فتتمثل في علاقة العداء التاريخية بين القيادية التجمعية وبين حركة النهضة قبل أن تتطور الأمور إلى حل حزب التجمع وصعود الحركة إلى الحكم. في هذا إحساس بالقهر إزاء النهضة يتعدى عبير موسي في شخصها إلى الآلاف من التجمعيين المتضررين من الثورة والدساترة المناهضين للحركة. وأما الموضوعية فتتمثل في محاولة لفت الانتباه عبر خطاب متميز عن بقية الخطابات الحزبية، خطاب يستهدف القوة الحزبية الأولى بالأساس (النهضة) ويمتد عبرها إلى الحكومة التي تشارك فيها وتتوسع إلى الأطراف التي تتعامل معهما وتوفر لهما الشرعية حتى إن كان بعض الدساترة جزءا من تلك الأطراف. هو المنهج ذاته التي تنتهجه بعض الأطراف المعارضة في تونس وخاصة منها الجبهة الشعبية وهو منهج يهدف في النهاية إلى تقديم الذات في شكل البديل الناجح للحكام الفاشلين؟ ولكن هل يمكن أن يحقق هدفه؟. عوائق ضد النجاح هناك هدف محقق وهو التعريف بالحزب فلولا معاداة النهضة وتقديم الاتهامات المثيرة ضدها والمطالبة بحلها ومحاكمة قادتها لما سمعت أغلب القاعدة الانتخابية في تونس بالحزب الدستوري الحر ولما أمكن التفريق بين بينه وبين بقية الروافد الدستورية (المبادرة الدستورية مثلا). حزب موسي مرشح حاليا للفوز بعدد محترم من المقاعد البرلمانية والفضل في هذا لخطابه التحريضي والإقصائي ولكن هناك عوائق كثيرة تحول دونه وربح الانتخابات. فالربح يحتاج أولا إلى استقطاب الدساترة كلهم (ما لا يقل عن 800 ألف ناخب) وهذا غير ممكن في ظل إقصاء البعض منهم من الحزب وتوجه البعض الآخر إلى فضاءات حزبية أخرى لا تؤمن بالإقصاء والتشفي. وهو يحتاج ثانيا إلى تجمع الأطراف المعادية للنهضة وهذا غير ممكن في ظل التنافس على هذا العداء مع أطراف أخرى مثل الجبهة الشعبية ونداء تونس وغيرهما. الأهم أن «الدستوري الحر» يفني طاقاته ووقته في معاداة النهضة دون أن يقدم برنامجا يقنع أغلبية الناخبين ويستحق بفضله التصويت الفعال له. «أعتقد أن المواطنين التونسيين اليوم لا يهتمون بالمعارك والصراعات بين الأحزاب… بل ينتظرون من سينقذ البلاد ومن له البرنامج الكفيل بتحقيق ذلك» هذا ليس قولي بل هو قول مؤسس الحركة الدستورية حامد القروي قبل أن تتحول إلى «الحزب الدستوري الحر». بعض تصريحات عبير موسي «لو كنت في الحكم لقمت بحل النهضة» (موزاييك آف آم 23 ديسمبر 2017). «لن نتحالف مع الإسلام السياسي مهما حصل… عندما نفوز في الانتخابات ستصبح حركة النهضة آليا في المعارضة واذا رفضت التنصل من الإخوان المسلمين فإننا سنقوم بحلها وفق القانون… سنقوم بتفعيل قانون الإرهاب وسنحاسب كل شخص متعاطف مع الإخوان وسنحل النهضة وسنرفض بقاءها كحزب سياسي» (تصريح إعلامي بتاريخ 5 جانفي 2018). لابد من «تطبيق القانون ضد حركة النهضة في علاقة بالإرهاب وتسفير الشباب إلى بؤر الصراع... وفتح تحقيقات قضائية جدية بخصوص هذه الملفات…» (جوهرة آف آم 23 جانفي الماضي). «سنفتكّ منكم تونس ونرجعها للتونسيين والتونسيات… سننحت مستقبل أبنائنا بعيدا عن وحوش الدم والاغتيالات…سننقذ شبابنا من الإرهاب والمعسكرات… تذكّروا كلامي جيّدا… الأيام بيننا… صبرا جميلا… إن غدا لناظره قريب». (من تدوينة لها على الفايس بوك).