انتقد الوزير الاول الاسبق حامد القروي الائتلاف الحكومي على خلفية فشله في تسيير البلاد في ظل عجز حكومة الحبيب الصيد عن معالجة الملفات الحارقة. وقال القروي ل"الصباح" ان عدم تحالف الائتلاف الحكومي منذ البداية وفق برنامج واضح سبب التخبط الذي مازالت تعيش على وقعه البلاد،معتبرا ان غياب التناغم والانسجام أدى إلى الفشل،وان الشيخين «زوز جوانح طايرين يا ليتهم يهبطو للأرض» لأنهما يعيشان بعيدا عن الواقع على حد تعبيره. واعتبر رئيس الحركة الدستورية ان فشل توحيد العائلة الدستورية وان كان يعود الى «الزعاماتية» فان تحالفها في المستقبل يظل ممكنا،مؤكدا ان نتائج الانتخابات البلدية ستكون مغايرة للانتخابات التشريعية حسب قوله. القروي الذي أشار الى ان تمرير قانون المصالحة مسألة استعجالية تحدث عن المعارضة،وثائق «بنما»،تنقيح الدستور،عودة بن علي وغيرها من المسائل من خلال الحوار التالي: ننطلق في الحديث من وثائق بنما وما أحدثته من ضجة واسعة الى حد انها ألقت بظلالها على مدى الأيام الماضية على الشأن الوطني، فكيف تنظر إليها؟ - في الواقع لم نكن نتصور وجود تونسيين في هذه الوثائق لكن الطريقة التي توخوها وكأنها تستهدف بشكل أو بآخر بعض الشخصيات لا سيما انه تم الى حد الان كشف اسماء لا تعد على اصابع اليد الواحدة في وقت يتحدث البعض على قائمة تضم 40 شخصية. صحيح اننا ندين مثل هذه التجاوزات الخطيرة ان وجدت لكن لا يمكن في الحقيقة اتخاذ موقف في هذا الشأن في ظل المعطيات المتوفرة الى حد الان في غياب وثائق ثابتة وأدلة قاطعة تدين الأسماء التي تم كشفها وهو ما يعني انه لابد من انتظار بقية القائمة التي تحدثوا عنها والأهم كشف الوثائق التي تدين تورطهم لأنه لا يمكن تجريم الاشخاص بشكل ضبابي ودون ادلة ثابتة. راشد الغنوشي في القول أن التحقيق في وثائق بنما سيغير المشهد السياسي في تونس فما هو تعليقك؟ - بالنسبة لي لا أملك أي معطيات بشأن هذه القضية أما اذا كان الغنوشي يملك معلومات تتعلق بهذه المسالة وصرح بذلك فان المسألة خطيرة لكن المطلوب اليوم كشف الحقائق للرأي العام حتى لا تبقى بعض المسائل ضبابية. وبالمناسبة أسأل هنا أين وصلت قضية البلجيكي التي اثارت الرأي العام في ظل تباين المعطيات بين من يؤكد انه تورط في ادخال السلاح وبين من يقول انه ليس سلاحا بل ان القضية ازدادت تعقيدا لما صرح وزير المالية بانه سلاح، ولعل غياب الحقيقة والمعطيات الدقيقة يجعلنا نتساءل هل ان سيادتنا تدهورت أم ماذا؟ هل تعتقد ان الكشف عن اسم المنسق العام لحزب مشروع تونس محسن مرزوق سيؤثر على مستقبله السياسي؟ - اذا ارتكب محسن مرزوق هذه التجاوزات الخطيرة وثبت فعلا تورطه فانه سيكون للمسألة تأثير على مستقبله السياسي باعتبار انه سيفقد مصداقيته لدى الرأي العام لانتخابه في أي مسؤولية سياسية،اما اذا تأكد عدم تورطه فان اسهمه سترتفع على الساحة السياسية وسيكون مستفيدا من هذه الضجة بشكل يدعم مكانته اكثر في المشهد السياسي بمعني أن المسالة «يمكن أن تؤثر عليه سلبيا كيف ما تنجم تطلعلو الكوتة». وربما لو كان شيطان وهو فعلا شيطان شوية يزج بنفسه في المسألة عن قصد وبنية مبيتة منه لغايات دعائية بحتة ثم تثبت براءته. يعني أن محسن مرزوق يمكن ان يحبك مثل هذا السيناريو؟ - يمكن .. يصنع «دعاية» تثير الرأي العام وتهيج عليه الناس ثم تتضح براءته «حاجة ممتازة» تكذب كل الادعاءات وتدحض كل الاتهامات التي وجهت اليه ولو ان هذا السيناريو وان يبدو مستبعدا فانه يبقى فرضية واردة في غياب الحقائق والأدلة المتعلقة بهذه المسالة. بعيدا عن وثائق بنما كيف تنظر إلى المشهد السياسي الحالي؟ - لا وجود لأي تناغم داخل الحكومة باعتبار ان لكل وزير خطابه ولكل مسؤول خطه في وقت يتطلب حدا أدنى من الانسجام بين كامل الفريق الحكومي. منذ يومين فقط استمعت الى نقاش في برنامج إذاعي بين إعلامي ومسؤول سياسي اتفقا على فشل الحكومة لعدم وجود كفاءات في المستوى واقترحا النسج على منوال المغرب التي استنجدت بكفاءات اجنبية ولم يخطر على بال هؤلاء ان تونس تملك رصيدا لا باس به من الكفاءات التي عملت ونجحت وان كانت اليوم غير مقصية فانه لم يتم تشريكها في الحكم. وبالنسبة للمعارضة؟ - لا يمكن تسميتها معارضة إلا بمشروع وأنا اعتبر ان المعارضة في تونس منذ الاستقلال اقتصرت على طرفين سياسيين فقط لهما مشاريع فعلية ففي عهد الزعيم بورقيبة كان لأحمد المستيري مشروع الديمقراطية وفيما بعد مع بن علي كان للاتجاه الاسلامي مشروعه الخاص اما البقية فإنهم ركزوا على حقوق الانسان والحريات باعتبارها «مورد رزق». في هذه الحالة أين تصنف الجبهة الشعبية اذن؟ - أصنفها في كلمة «لا» باعتبارها تعارض كل شيء بدون بديل وحتى ما تطرحه من بدائل فهو بعيد عن الواقع ومستحيل التحقيق،فكيف يمكنها تقديم طرح غير واقعي مثل عدم خلاص الديون وغيرها من اقتراحاتها غير العملية. وبقية أحزاب المعارضة؟ ما دامت ليست لها مشاريع لا اعتبرها معارضة. هل هذا يعني ان المعارضة تتحمل من جهتها مسؤولية الفشل الذي تعيش على وقعه البلاد اليوم؟ - لا لا ..لا يمكن تحميلها المسؤولية حتى وان لم يكن لها بديل لان الائتلاف الحكومي هو الذي يتحمل مسؤولية الفشل كاملة ولو انه بدرجات باعتبار ان المسؤولية الأكبر يتحملها الحزبان الكبيران إلى جانب رئيس الحكومة لأنهما قادران على توجيه السياسة العامة ورسم البرنامج الأساسي الذي تحتاجه البلاد. وغلطتنا ان التحالفات التي تمت لم تكن على اساس برنامج محدد ينقذ البلاد. ولو كان ثمة برنامج في جمهورية مدنية لا يمكن لرئيس الحكومة ان يستغني عن وزير الشؤون الدينية لمجرد انه اختلف مع إمام متطرف في وقت كان على النهضة عدم التدخل في هذه المسألة الحساسة. شخصيا نبهت رئيس الحكومة وقلت له انك بهذا القرار ستسلم مفاتيح المساجد إلى النهضة ليصبحوا الأيمة مناضليها وهذا ما كان ليحدث لو كان الائتلاف الحكومي على اساس برنامج واضح ومحدد من مختلف الجوانب. ما هي تحفظاتك على حكومة الحبيب الصيد؟ - لما سألوني عن الصيد اثناء تعيينه قلت انه قادر على النجاح ولم اسمع عنه إلا الخير لكن على ما يبدو انه لم يتركوه يعمل او ضغطوا عليه اللهم ان كان خياره إقصاء الدساترة وكل من عمل مع بن علي في وقت غيرت الانتخابات المشهد السياسي برمته «ما فاقش والا ما فاقوش والا ما حبوش يفيقو» ان الشعب اختار الدساترة،رئيس الجمهورية دستوري،رئيس مجلس النواب دستوري وسي الحبيب الصيد عمل مع بن علي. والدساترة اثبتوا مكانتهم ولنا كفاءات قادرة على انقاذ البلاد لكن من غير المقبول ان يتم اقصاؤهم ..حزب آفاق لم تكن له تحفظات من مشاركة الدساترة في الحكم ونفس الشيء بالنسبة لحزب سليم الرياحي أي ان مسؤولية اقصاء كفاءاتنا بقيت بين حزبي النهضة ونداء تونس. النهضة صرح رئيسها انهم على استعداد للعمل مع وزراء بن علي لكن محسن مرزوق بعد استقالته من نداء تونس كشف ان النداء هو الطرف الذي عارض عودة كفاءات الدساترة إلى الحكم. هل تحمل مسؤولية هذا الإقصاء لنداء تونس؟ - ذكرت لك ما سمعته لكني احمل المسؤولية بدرجة أولى لرئيس الحكومة لأنه كان بإمكانه القبول من عدمه. التقيت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أكثر من مرة ألم تتحدث معه في هذا الموضوع ؟ صحيح تحدثنا وكنا في نفس الاتجاه بأنه لا فرق بين ما قبل 14 جانفي وما بعده لان ما تغير بعد 14 جانفي هم البشر والأمر لا يتعلق بالشباب الذي صنع 14 جانفي وإنما الذين ركبوا على الحدث وتصرفوا بمنطق الاقصاء. من يحكم تونس اليوم حسب رأيك؟ - الحكومة تحكم ..لا اعرف من يحكم بالضبط في ظل التناقض الموجود بين الوزراء.. الشعب التونسي نفسه يتساءل.. وقالوا لي انه تم اجراء سبر اراء في هذا المجال لكني لا اسمح لنفسي الكشف عن نتائجه. هل ان الشيخين هما من يحكم تونس اليوم؟ هما «زوز جوانح يا ليتهم يهبطو شوية للأرض باش يطلعوا على اشنوة صاير فيها.. وظاهرلي معاهدة باريس «بدعت بينا» لان الشيخين يحبو يحكمو دون اعتبار ما يحدث في البلاد وكأنهم «طايرين» في بلاد اخرى». لكن الشيوخ سيطروا اليوم على الساحة السياسية في غياب يكاد يكون كليا للشباب؟ -«عملت المليح» على هذا السؤال لاني من الشيوخ ..لما هاجمونا بعد 14 جانفي واتهمونا بالفساد والخراب انتظرنا كلمة القضاء ولما صدرت الاحكام التي انصفتنا خرجت وتكلمت بصوت عال و»سخنت اكتافي» وقلت نحن «نظاف» والدساترة يجب ان يرفعوا رؤوسهم .ورغم انه لم يكن في نيتي تأسيس حزب في البداية فاني اضطررت فيما بعد الى تأسيسه رغبة في استمرار الرسالة الى الشباب تحت شعار «حفظ الأمانة واستمرار الرسالة» وهو ما وعدت به وتعهدت به. لكن الشباب مازال مغيبا في اغلب الأحزاب ؟ حزبنا على عكس بقية الاحزاب اغلبه من الشباب بل يمكنني القول ان كله من الشباب. هل انك بهذا التمشي اخترت ان تكون نموذجا في تسليم المشعل للشباب؟ - مازال أملي كبيرا بان الشباب سيحمل المشعل والقواعد هم الذين يكونون حزبهم دون زعيم والحكم يبقى للصندوق.. كنا في تمش ممتاز وحصلت بعض الظروف التي عطلتنا نسبيا لكن ثمة شباب عازم على مواصلة المسيرة بثبات باعتبار ان الحزب الدستوري يكون دوما حزبا متجددا مثلما كان يؤكد ذلك الزعيم الحبيب بورقيبة. شخصيا سأقدم استقالتي نهائيا من الحزب في المؤتمر المقبل وسلمت المسؤولية للمنسقة العامة عبير موسي والمدير التنفيذي حاتم عماري ولهما كل الصلاحيات لمواصلة العمل داخل الحزب. الى أي مدى يمكن القول ان طموحاتك السياسية انتهت؟ «علقت الصباط» لما خرجت من الوزارة الاولى سنة 1999 وكل اهتمامي اليوم لعائلتي وأبناء أبنائي. إلى أي مدى تبدو الحركة الدستورية قادرة على ان تكون رقما ثابتا في المشهد السياسي؟ لئن كنت واثقا من ان امكانيات الحركة ورصيدها يؤهلها الى ان تكون رقما ثابتا في المشهد السياسي فإنني على نفس الدرجة من الوثوق في عزيمة الشباب على مواصلة الرسالة بثبات باعتبار ان الحزب الدستوري يتماشى مع المعطيات الجديدة التي تعيشها تونس وليس جامدا. رغم انك ناديت باستمرار بضرورة توحيد العائلة الدستورية فإنها مازالت مشتتة فما هي الأسباب؟ الزعاماتية سبب التشتت لان كل حزب له زعيم وهو ما مثل حاجزا أمام توحيد صفوف الدساترة .. وحزبنا لن يكون له مرشح للرئاسة وأنا على يقين أن قواعده ستختار أفضل المرشحين من الدساترة وهذه وجهة نظري. لماذا لم تبادر بتوحيد صفوف الدساترة؟ -لا، لا .. بادرت وحاولت وعملت في مختلف الاتجاهات من اجل توحيد الدساترة لكني لم أوفق،التقيت مع كمال مرجان واحمد منصور واتفقنا على توحيد العائلة الدستورية لكن بعد ترتيبات اولية فشلت العملية في نهاية المطاف. ومن استأنس بمن يفتح له «المرسديس» ويقول له «صباح الخير سيدي الوزير أو سيدي الرئيس « لن يعود اليوم ل»ثني الركبة» لذلك أدعو الشباب إلى بذل الجهود لأنه لا نجاح دون عمل. كمال مرجان يبدو ان حزبه يتجه نحو الانصهار مع حزب «الوطني الحر» وفق تصريحات سليم الرياحي؟ لا يمكنني التعليق على خطوة لم تتم رسميا بعد. مازال البعض ينادي بالمصالحة فهل انت مع تمريرقانون المصالحة الاقتصادية بمجلس النواب أم لا ؟ المصالحة مسالة حيوية واستعجالية في ظل الوضع الدقيق الذي تعيشه تونس وقد اقترحت على السيد رئيس الجمهورية والسيد رئيس مجلس النواب تكوين لجنة منتخبة تقوم بمهمتها في اطار العدالة الانتقالية. يقولون سنحاسبكم لكن نقول لنتحاسب ماذا قدمنا للبلاد وماذا قدموا..ماذا عملنا «ووين وصلنا البلاد وكيفاش بركوها» لكن اليوم يجب ان ننسى «الأزلام والأقزام»، نطوي الصفحة ونضع اليد في اليد من اجل مصلحة الوطن. المصالحة لا يجب ان تكون باهانة رجال الأعمال لان التشهير بهم قد يفقدهم الرغبة في الاستثمار ووقتها تكون تونس هي الخاسر الوحيد لاسيما في ظل الوضع الصعب الذي تتخبط فيه البلاد. وفي الحقيقة الوحدة الوطنية باتت ضرورية لمحاربة الارهاب خصوصا بعد ملحمة بن قردان التي أثبتت ان تونس واحدة بمختلف تلويناتها السياسية وبشمالها وجنوبها. الى أي مدى ستختلف نتائج الانتخابات البلدية عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة؟ بكل تأكيد ستتغير نتائج الانتخابات في انتظار تبلور التحالفات في الفترة القادمة خصوصا مع تواصل المشاورات والحوارات بين اغلب الأحزاب. في ظل حديث البعض عن امكانية تنقيح الدستور هل انت مع خطوة في هذا الاتجاه؟ -لابد ان نعترف بوجود خلل في الدستور يمنع رئيس الجمهورية من ممارسة صلاحياته والقيام بمبادرات لفائدة الوطن،ثم من غير المنطقي ان يكون رئيس الجمهورية منتخبا من الشعب لكنه غير قادر على تمرير قانون المصالحة التي تنقذنا من هذا الوضع الصعب.ومن يعارضونه اليوم ليس لهم أي بديل باستثناء اطماعهم السياسية وتقسيم الكراسي. * هل أنت مع عودة بن علي إلى تونس ؟ - بن علي مواطن تونسي وإذا قرر العودة إلى تونس فانه ثمة عدالة تقول كلمتها في شأنه وعليه تحمل مسؤوليته. أجرى الحوار:محمد صالح الربعاوي