«الحوض المنجمي» جرح يأبى أن يندمل.. واضطرابات لا تهدأ إلا لتعود من جديد. الغاضبون بالجملة لا يهدأ منهم طرف حتى ينتفض طرف آخر.. وبين هذا وذاك يتأرجح انتاج الفسفاط.. أسابيع من العمل والانتاج تقطعها فترة من الاضرابات والاعتصامات وقطع الطرقات أو سكك نقل الفسفاط. مؤخرا توقف الانتاج في الرديف والمظيلة وأم العرايس والمتلوي قبل أن يعود النشاط تدريجيا.. «الشروق» تحولت إلى الحوض المنجمي لتسليط الضوء على الأسباب الظاهرة والخفية لغضب المتداخلين في عملية الانتاج.. هذا الغضب الذي سبّب اضطرابات كبرى ناتجة عن إضراب أعوان شركات الغراسات والبستنة. حيث أكد لنا أعوان منتسبون للشركة أنهم يطالبون بتفعيل نشاطهم صلب الشركة وأنهم ملوا بطالتهم المقنعة حيث يحصلون على أجور دون الالتحاق بمراكز عملهم. «الشروق» كان لها لقاء مع مسؤول بشركة فسفاط قفصة ورافقه عدد من الموظفين الذين طالبوا الجهات المعنية بفتح تحقيق ضد نائب استغل نفوذه في مناطق الحوض المنجمي وحرض الغاضبين على الاحتجاجات وقطع الطرقات حتى يتسنى له نقل الفسفاط نحو بقية الولايات باستعمال اسطول من الشاحنات التي كان يملكها . ويذكر ان النائب كان يملك فقط سنة 2010 شاحنتين ليتضاعف العدد ويتحول الى صاحب اسطول من الشاحنات المعدة لنقل الفسفاط وقد تنقلت «الشروق» الى مقر شركة النائب التي كانت محروسة من قبل عشرات الشباب الذين يعملون تحت سيطرة النائب وتمكنا من الوصول الى داخل مقرها اين تنتشر العشرات من الشاحنات. المخطط يتواصل وعن مواصلة الاعتصامات والاضرابات اكد لنا عدد من عمال شركة فسفاط قفصة بان اعوانا لشركة الغراسات يطالبون بتفعيل نشاط شركتهم التي تقوم بمنحهم اجورا دون القيام باي عمل وهو ما ازعجهم وجعلهم ينددون بما وصفوه حقهم في التشغيل كما ان اعتصاماتهم تواصلت بسبب رفض السلط المعنية الاستجابة للموافقة على تفعيل القانون الاساسي للشركة . ويذكر ان الاجر الشهري للعون يصل الى 700 دينار دون القيام باي عمل يذكر ويبلغ عدد الاعوان 8500 عون مما كبد شركة فسفاط قفصة خسائر مالية هامة . انتاج الفسفاط بين الامس واليوم قال اطار بشركة فسفاط قفصة «للشروق» ان هذا القطاع ينتج في حال عدم الاضرابات ما يقارب 4 ملايين طن سنويا ويوفر لخزينة الدولة 3 مليارات يوميا واضاف ان الشركة كانت تنتج سمة 2010 حوالي 11 مليون طن سنويا بمرابيح ناهزت 16 مليارا يوميا ويتم تصدير 80 بالمائة من الفسفاط الى اكثر من 20 دولة . وأضاف ان الاحتجاجات والاعتصامات المتواصلة داخل مناجم الفسفاط تكبد تونس خسائر فادحة باعتبار الفسفاط احد اهم الاعمدة التي يرتكز عليها الاقتصاد التونسي موجها اصابع الاتهام لأطراف نافذة تحاول ضرب القطاع لمصالحها الشخصية حيث ان خسائر الشركة بلغت 13 مليارا مقارنة بسنة 2010 . مطالب بالجملة من جهتهم عبر موظفون واعوان تابعون لشركة فسفاط قفصة ل«الشروق» عن غضيهم من عدم الاستجابة لمطالبهم على غرار المطالبة بمنح الحليب والحضور والتنقل والخطر التي لم تحين منذ سنة 1978 اي ما قارب 40 سنة وتبلغ منحة الحضور 3 دنانير شهريا فقط ومنحة التنقل للعاصمة 70 دينارا اما منحة الحليب فلم تتجاوز 3 دنانير شهريا .كما طالبوا ايضا بالترفيع في المنح في المناسبات الدينية خاصة انه لم يتم ترفيعها منذ 41 سنة ويذكر ان منحة الحليب يتم اسنادها لأعوان المغاسل والمقاطع لتواجدهم الدائم في المنجم مما قد يسبب لهم امراض خطيرة يمكن مجابهة خطورتها بشرب الحليب . معاناة كمازارت «الشروق» الرديف وام العرايس والمتلوي والمظيلة اين كان لنا لقاءات مع متضررين واهالي هذه المناطق الذين اطلقوا صيحات فزع بسبب الفساد وتهديد موارد رزقهم ... يعيش اهالي الحوض المنجمي بمناطقه الاربعة وضعا مترديا وظروفا معيشية صعبة وخصاصة هذا بالإضافة الى انتشار التلوث البيئي الذي تسبب بدوره في انتشار امراض خطيرة قاتلة على غرار السرطان وامراض الكبد حيث تم تسجيل حالات وفيات منذ بداية السنة الى غاية يوم امس بسبب هذه الآفات كما ان نسب الاصابة بهذا المرض تتضاعف في مناطق الحوض . منذ المرور من وسط مدينة قفصة وفي طريقك الى معتمدية المتلوي التي تبعد عن مقر الولاية 40 كيلومتر تعترض سبيلك مبان وطرقات تفضح كم الفقر الذي يعانيه الاهالي في منطقة ثرية بالمواد المعدنية كالفسفاط المعروف باسم «اللؤلؤة السوداء « ومن جهته قال محمد القاسمي عامل بشركة فسفاط قفصة في تصريح «للشروق» ان عملية استخراج الفسفاط خلفت سلبيات واضرار على المنطقة تبينت من خلال المباني والطرقات الت تحولت الى مسالك محفرة . وأضاف محدثنا ان الفسفاط لم تنفع مناطق الحوض المنجمي بقدر ما اسأت للأهالي وتسببت في كوارث اضرت بنا وهو ما جعلنا نصفه باللعنة وليس النعمة كما يعتقد البعض وكلما خطوت خطوة في مدينة المتلوي الا واعترضتك مجموعة غاضبة وشباب ناقم وعن هذا قالت زينب الصيد صاحبة شهادة جامعية ولكنها عاطلة عن العمل انه لم يعد هناك اي سبب يجعلهم يتمسكون بالعيش في مناطق الحوض المنجمي الذي يفتقر الى ابسط ضروريات الحياة على غرار الصحة والشغل والترفيه . تلوّث بيئي سنويا يفقد اهالي الحوض المنجمي المئات من اقربائهم وابنائهم بسبب التلوث البيئي الذي ينتج عن عمليات استخراج الفسفاط دون مراعاة الوضعيات الصحية للأهالي وشهدت نسبة انتشار الأمراض الخطيرة زيادة واكد موظف بشركة فسفاط قفصة انه يوم امس اكتشف عامل في 30 من عمره بانه مصاب بسرطان لينضاف لقائمة حاملي هذا المرض القاتل . كما تطرق محدثنا الى انتشار امراض اخرى خطيرة على غرار الوباء الكبدي وهشاشة العظام وضيق التنفس وامراض الكلى والامراض الجلدية واضاف محدثنا انه رغم خطورة هذه الآفات الا ان منطقة الحوض المنجمي تفتقر الى ابسط المرافق الصحية حيث يضطرون لتلقي العلاج في المستشفى الجهوي بقفصة ومستوصف في المتلوي . اكد احمد القفصي احد متساكني ام العرايس في تصريح ل«الشروق «بان مناطق الحوض المنجمي تعاني ايضا من امراض جراء تسمم المياه على خلفية التلوث الناتج عن الإشعاع الكيميائي الذي ينتج بسبب تفجير الجبال باستعمال الديناميت وهي مادة كيميائية تنشر اشعاعها على المحيط مما يتسبب في تسمم المياه والزراعات. انتشرت ايضا داخل مناطق الحوض المنجي ظاهرة جديدة وهي الانتحار خاصة لدى الفئات العمرية التي لا تتجاوز اعمارها 35 سنة بسبب الفقر والبطالة والتهميش التي يعانون منها منذ سنوات وتضاعف الامررغم الوعود التي اعلن عنها المسؤولون سواء كانوا السابقين او المتواجدين حاليا على راس الولاية او المعتمديات او الادارات الجهوية لسلط الاشراف . إ.خ