مَرّة أخرى يؤكد أبطالنا من ذَوي الإحتياجات الخاصّة بأن الإعاقة إعاقة العَقل لا الجَسد وقد جاءت إبداعات وليد كتيلة في سباق الكراسي لتُثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن العِبرة تَكمن في قوّة العَزيمة لا في صِحّة الأبدان وكَثرة «الفلوس» التي تُخلّف أحيانا «الهْبَال» وتَجلب العَار كما يحصل الآن في كرة القدم التي تلعب فيها «النُجوم» الورقية بالمليارات. وليد كتيلة واحد من عشرات الأبطال والبطلات التونسيين الذين قهروا اليأس وتَعايشوا مع الإعاقات ليسطعوا في سَماء الرياضة العالمية ويرفعوا الراية الوطنية بأضعف المُعدّات وصفر إمكانات. إنجازات هذه الفئة «المُناضلة» من الأبطال لا تَقتصر على الأبعاد الرياضية وإنّما تَحمل في طيّاتها دلالات رمزية وإشارات وطنية تَتمحور حول الإرادة القَوية للتونسيين الذين أثبتوا أنهم لا يَعترفون بالمُستحيل عندما يطردون الإنهزامية وتَتعلّق قلوبهم بطلب الأمجاد. أفضل هدية في خِضّم الجَدل المُملّ عن رائحة الفساد الذي ضَرب الكرة التونسية يُضيء وليد كتيلة «ليلنا المُظلم» وذلك بعد أن حطّم أرقاما قياسية جديدة على هَامش «بطولة فزاع الدولية لألعاب القوى بدبي». وقد نجح البطل التونسي في قطع مسافة 100 متر كراسي في ظرف 14 ثانية فاصل 62 جزءً بالمائة. ويُعتبر هذا المَكسب من الأرقام القياسية العالمية ومِثل هذه النجاحات ليست بالغَريبة عن كتيلة بأنه مُختصّ من زمان في تحطيم الأرقام القياسية وحصد الميداليات الذهبية في الألعاب «البَارالمبية» والبطولات الدولية. كما أن إبداعات بطلنا لم تشمل مسافة بعينها بل أنه أظهر قُوّته في سباقات 100 و200 و400 و800 متر وحتّى في 1500 متر. رغم الألم في نطاق الإحتفاء بهذا البطل الكبير، اتّصلنا بوليد كتيلة الذي تحدّث بتواضع عن إنجازه العالمي مُؤكدا أن هذا النجاح تحقّق بفضل العَزيمة الحديدية والرّغبة الشديدة في تشريف راية تونس ويُضيف كتيلة بأنه يطمح إلى إنجاز الأفضل خاصّة أن بطولة العالم على الأبواب مِثلها مِثل الألعاب «البَارالمبية» (في 2020). وأكد كتيلة أن إختصاصه شَاق ومُكلف قياسا بالنّفقات الكبيرة لإقتناء الكراسي وبقية المُعدات المُتعلّقة بهذه السِباقات. ويضيف كتيلة أن الصّعوبات كبيرة لكن العَزيمة أكبر. ولا يَسعنا في الخِتام إلاّ أن نرفع القبّعة لكتيلة ولكلّ أبطالنا وبَطلاتنا من ذوي الإحتياجات الخاصّة ونؤكد من جديد أن الإعاقة إعاقة الإرادة لا الجِسم.