قام العالمان المختصّان Martin Wagner وJörg Oehlmann من جامعة "بوته" بفرنكفورت بانتقاء 20 نوعا من حاويات الماء المعدني من البلاستيك والتي تروج في السوق الألمانية. كلّها تحتوي على مادّة PET أو Polyéthylène Téréphtalate.. توجد هذه المادّة أيضا في حاويات المشروبات الغازيّة وقوارير الزيت من البلاستيك كما يمثّل غلافا داخليّا لطبقة الألمنيوم قي علب المشروبات الغازيّة. تسمح هذه المادّة بجعل المادّة البلاستيكيّة شفافة بحيث يظهر ما يحتويها كما تمكّنها من الصّلابة ومقاومة الصدمات. درس العالمان حالة الخمائر والرخويات بعد البقاء فترة طويلة في الحاويات البلاستيكيّة وقارنوها بقوارير البلّور المختلفة. اكتشف المختصّان مضاعفة النشاط الهرموني للخمائر في الحاويات البلاستيكيّة. أمّا الرخويات التي تتوالد دون الحاجة للذّكر فلقد أنجبت عددا من الحلزون صغير الحجم يفوق مرّتين عدد الحلزون الصغير في قوارير البلّور وهذا بتأثير من الهرمونات الأنثوية. يعتقد الباحثان أنّ حاويات البلاستيك يمكن أن تتسبّب في اضطرابات هرومنيّة خصوصا لدى الرّجال وهذا ناتج عن مادّة PET وقد تساهم في تدنّي الخصوبة لدى الرّجال. من المعلوم أنّ طريقة إنتاج قوارير البلاستيك لازالت سريّة ومن الصّعب التعرّف على مختلف مكوّنات القوارير وقد طالب رئيس الجمعية العلمية الأوروبية للماء والصحّة بمزيد من الشفافية. من ناحية أخرى يواجه قطاع الماء المعدني حملة نقد في كلّ بلدان المجموعة الأوروبيّة. إنّ الاستغلال الجائر للعيون المعدنيّة يمكن أن يؤدّي إلى تراجع مردودها والقضاء على الطبقات الجوفيّة للمياه. من ناحية أخرى يتطلّب ضخّ المياه ووضعه في قوارير وتعليبه ونقله استهلاك كمّيّات هائلة من الطاقة. فالتعليب يتطلّب ملايين الأطنان من مادّة البلاستيك. في أغلب الأحيان يتكوّن البلاستيك من مادّة معروفة بPET التي لا يتطلّب إعادة استعمالها ورسكلتها كمّيّة هامّة من الطاقة بينما لا يؤدّي حرقها إلى انبعاث مادّة الكلور، لكن في السنوات الأخيرة لوحظ تراجع في عمليّة إعادة استعمال هذه القوارير. ففي سنة 2005 لم يقع إعادة استعمال سوى 23% من القوارير في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وهذا مقارنة بالعقد السابق حيث بلغت فيه نسبة الرسكلة 40%. يبلغ سعر ماء القوارير 240 إلى 10 آلاف مرّة سعر ماء الحنفيات. المستفيد الأوّل من هذا اللّهف على ماء القوارير هي صناعة المشروبات خصوصا في البلدان الصناعيّة. أمّا في البلدان الفقيرة فما بين 35 % و50 % من سكّان المدن يفتقدون للماء الصالح للشراب. هذه بعض مظاهر تصنيع الزراعة والغذاء وما ينتج عنه من إهدار للمصادر الطبيعية وتلويث المحيط وما يتسيّب فيه من تعرّض الإنسان إلى مختلف حالات التسمّم سواء منه الحاد أو وبالخصوص المزمن مما يفسّر ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض التي يطلق عليها بأمراض العصر كالسرطان وأمراض القلب والشرايين وتراجع الخصوبة وغيرها. (انتهى)