لا تكاد تخلو مناسبة من المناسبات الا ويطلق القضاة صيحة فزع من الوضعية ال»كارثية» للمحاكم ورغم تحرك وزارة العدل في اتجاه النهوض بالبنية التحتية للمحاكم الا ان الوضع يحتاج الى المزيد من العناية . تونس (الشروق) يشهد كل من يتردد على المحاكم انها مازالت تعاني من الكثير من النقائص من حيث البنية التحتية المهترئة والنقص الفادح في مكاتب القضاة وفي أبسط تجهيزاتها والتجهيزات الادارية بشكل عام، مقابل تضخم حجم الملفات القضائية بما جعل المرفق القضائي في أدنى مستوياته وجعل التعامل مع مرفق العدالة من قبل المواطنين ومن قبل القضاة والمحامين والكتبة وبقية طالبي خدمة العدالة معاناة يومية ومأساة متكررة. و لا يزال الى اليوم كثير من التونسيين يشتكون من سوء ظروف التقاضي وضعية كارثية ؟ وضعية محاكم الجمهورية وضعية «كارثية ومزرية « على جميع النواحي وهي لا تليق لا بالقاضي ولا بالاطار العامل فيها ولا بالمتقاضي بل لا تستجيب للمواصفات وتتنافى مع حقوق المتقاضين في المحاكمة العادلة والعدالة الجيدة هذا ما يجمع عليه كل الهياكل المعنية من محامين وقضاة. فضلا عن نقص فادح في وسائل العمل المادية واللوجستية التي تعيق عمل القضاة وتعطل مصالح المتقاضين خاصة في ظل تنامي حجم العمل وارتفاع عدد الملفات اذ لم تعد قادرة على استيعاب حجم العمل القضائي بعد الثورة، وتزايد الاختصاصات، على غرار قضايا الإرهاب، والفساد المالي كما تفتقر معظم المحاكم للمرافق الضرورية على غرار المكاتب وبيوت الراحة والسيارات الادارية خاصة بالنسبة لقضاة المحكمة العقارية . وقد اطلقت جمعية القضاة في اكثر من مرة صيحة فزع ونفذت تحركات احتجاجية للتنديد بالوضع المادي للقضاة وبظروف العمل بالمحاكم . و في هذا الاطار افادت القاضية مليكة المزاري رئيسة محكمة الناحية بتونس ورئيسة مجلس القضاء العدلي في لقاء جمعها ب»الشروق» ان البنية التحتية للمحاكم بالفعل مهترئة والقضاة يعانون كثيرا بل «يخجلون» من استقبال أي ضيف . وتطرقت الى وضعية القضاة بمحكمة الناحية في المقر القديم مؤكدة انهم لم يتمتعوا بالضمانات الكافية لحسن سير العدالة على غرار ضغط نقل الملفات من محكمة الناحية الى المحكمة الابتدائية اين تعقد الجلسات الى جانب ضغط الوقت والحالة الكارثية خاصة في فصل الشتاء ولكن رغم الظروف المزرية الا ان القضاة كانوا يواصلون عملهم بكل ثبات . وقالت الرئيسة المزاري انها تولت بصفتها رئيسة مجلس القضاء العدلي القيام بزيارات ميدانية لمحاكم داخلية لمعاينة الاوضاع والاستماع الى مطالب القضاة ومشاغلهم مؤكدة ان الحد الادنى لمقومات العمل غير متوفر على غرار محكمة الناحية بالقصرين فهي آيلة للسقوط . واشارت هنا الى ان سلطة الاشراف متجاوبة بخصوص العمل على النهوض بوضعية المحاكم وتحسين ظروف عمل القضاة . مشاريع بالجملة وزارة العدل من جانبها اكدت في اكثر من مناسبة ان تحسين وضع المحاكم وظروف عمل القضاة هو أولوية مطلقة بالنسبة لها . وقالت انه تم وضع خطة شاملة لإصلاح المنظومة الإعلامية والأرشيف بالوزارة والمحاكم والشروع في تنفيذها الى جانب عدة برامج في إطار التعاون الدولي ستساهم في تحسين ظروف التقاضي مثل منظومة القضاء الالكتروني. وقد تم إقرار مشاريع كثيرة في كل مناطق الجمهورية والإذن بإخلاء ما لا يقل عن 4 محاكم في وضعية غير مقبولة فضلا عن جملة من الإحداثات الجديدة في مستوى محاكم الاستئناف والناحية الى جانب عدد من الفروع للمحكمة العقارية. وفي هذا الاطار ذكر مصدر من وزارة العدل ل» الشروق» انه من بين المشاريع التي اعدتها الوزارة مشروع بناء مقر محكمة الناحية بمنوبة بكلفة 2.252.291.461 دينار وقد بلغت نسبة تقدم الاشغال 70 بالمائة ومشروع توسعة المحكمة الابتدائية بأريانة حيث بلغت تكلفة القسط الاول منه 1.826.689.843 دينار وبلغت تكلفة القسط الثاني 4.618.187.165 دينار وذكر ايضا مشروع بناء مقر محكمة الناحية بحمام الانف بكلفة 3.445.193.098 دينار . نحو التحسّن قالت رئيسة محكمة ناحية تونس مليكة المزاري ان هناك ارادة سياسية حاليا للنهوض بأوضاع المحاكم وتحسين ظروف عمل القضاة ملاحظة على سبيل المثال ان العمل اصبح افضل في المقر الجديد لمحكمة الناحية بتونس واوضحت في هذا الاطار ان قاضي الناحية في علاقة مباشرة بالمواطن وقريب جدا منه . وأكدت الرئيسة المزاري ان تحسين ظروف عمل القضاة هو في حد ذاته استثمار في القضاء خاصة امام حجم الملفات المتعهدين بها والمهام الحساسة الموكولة اليهم . وانتهت الرئيسة مليكة المزاري بالتأكيد «لابد للدولة من الاستثمار في السلطة القضائية لأن الاستثمار في السلطة القضائية يرجع على الدولة باستثمارات أخرى على المستوى الاقتصادي « . ونذكر من جهتنا انه في تحسين ظروف العمل للقضاة ضمانة اساسية لاستقلاليتهم وضمانة لنجاعة ادائهم . أهم المشاريع المنجزة مشاريع في طور الإنجاز في إطار التعاون الدولي مقرّات المحاكم التي تمّ كراؤها خلال 2017 2018