نددت جمعية القضاة التونسيين، اليوم الخميس، بشدة باقتحام أحد المواطنين، الثلاثاء الماضي، مكتب قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بالكاف و"التهديد بإحراق نفسه في صورة عدم إطلاق سراح شقيقته الموقوفة بالسجن"، معتبرة أن هذه الحادثة خطيرة ومروعة وتمثل تعدّيا صارخا على استقلال السلطة القضائية وعلى استقلال القرار القضائي. وذكرت جمعية القضاة، في بيان لها، أن أحد المواطنين أقدم على "اقتحام مكتب قاضي التحقيق الأول بالمحكمة بدعوى الحصول على بطاقة زيارة شقيقته الموقوفة بالسجن ليعمد إثر ذلك إلى إخراج قارورة مملوءة بمادة البنزين كان يخفيها تحت ثيابه ويتولى سكب تلك المادة على جسده مهددا بإحراق نفسه في صورة عدم إطلاق سراح شقيقته حالا، ماسكا بيده الأخرى ولاعة لاستعمالها في إشعال النار .."، مشيرة إلى أن قاضي التحقيق الأول "سارع بالتدخل بمسك يد المعتدي وافتكاك الولاعة منه تفاديا لحصول الكارثة مما أدى إلى انزلاقه وسقوطه وإصابته بأضرار بدنية، ودخول كاتبة التحقيق التي شهدت الواقعة وكامل الإطار القضائي والإداري للمحكمة في حالة من الاضطراب والخوف والذعر في غياب الاحتياطات الأمنية اللازمة في محيط المحكمة وداخلها". كما ذكر ذات البيان بواقعة مماثلة جدت الأسبوع الفارط بمقر الدائرة الابتدائية الجهوية للمحكمة الإدارية بالكاف وكذلك "بتنامي وتيرة الاعتداءات والتهديدات على القضاة وعلى مقرات المحاكم في الفترة الأخيرة في غياب تحمل السلطة التنفيذية لمسؤوليتها في ذلك". واعتبرت جمعية القضاة أن خطورة حادثة المحكمة الابتدائية بالكاف تجاوزت النيل من حرمة المحكمة واعتبار قضاتها والاحترام الواجب للسلطة القضائية، إلى تهديد قاضي التحقيق وكاتبته بصفة جدية في سلامتهما الجسدية وفي حياتهما، معبرة عن التضامن الكامل معهما فيما تعرضا له من اعتداء، مثنية على شجاعة قاضي التحقيق في التصدي للمعتدي وتفادي النتائج الوخيمة لأفعاله، بحسب نص البيان. وطالبت الجهات القضائية المتعهدة بالنظر في الوقائع المذكورة بالإسراع بالبت فيها إنفاذا للقانون وضمانا لتتبع المعتدي وردعا لهذه الأفعال المهددة للحرمة الجسدية لقاضي التحقيق وكاتبته وحياتهما وبالاحترام الواجب لمؤسسات الدولة ومقرات المحاكم، محملة السلطة السياسية مسؤولية الأحداث المذكورة ومسؤولية هشاشة الوضعية الأمنية لكافة محاكم الجمهورية وترديها. ودعت في هذا الخصوص إلى ضرورة دعم المحاكم بالتجهيزات الالكترونية المتطورة وإيجاد الخطط الأمنية البديلة لضمان أمنها وأمن القضاة وجميع العاملين بها والمترددين عليها وتجنيبهم كافة التهديدات التي قد تطالهم أو تنال من حرمتهم الجسدية، في انتظار بعث جهاز أمني خاص يعود بالنظر لوزارة العدل يعمل تحت إشراف المسؤولين عن المحاكم وفق الرؤية المقدمة من جمعية القضاة التونسيين. وأكدت الجمعية، في بيانها، متابعتها بكامل الحرص لجميع الاعتداءات والتهديدات التي طالت القضاة ومقرات المحاكم وانشغالها من تزايد وتيرتها، معلنة عن دخولها في مشاورات مكثفة حول التحركات المناسبة للتصدي لها في صورة تواصلها واستمرارها.