يعاني تجار المدينة العتيقة من الكساد الذي أثر في وضعيتهم الاجتماعية ومما جعلهم يطلقون صيحة فزع ويطالبون المجلس البلدي بالتدخل لإنقاذ موارد رزقهم . «الشروق» التقت عددا من الحرفيين وتجار المصوغ ورصدت مختلف انطباعاتهم. الكاف - الشروق: بلقاسم النايلي (تاجر أقمشة) قال إنه يشتغل في هذه المهنة بنهج الحبيب كرمة منذ سنة 1970 ففي الماضي كان هنالك إقبال كبير على منتوجات النسيج ولوازم الأفراح والملابس الشتوية ( البرنس والقشابية ... ) حيث كنتُ أُشغّل بمحلي 3 شبان أما الآن فإن مدخولي قد تراجع بشكل كبير لضعف الطلب فنحن اليوم نعاني من كساد السوق بسبب تدهور البنية التحتية بالمدينة العتيقة وتحول قلب المدينة إلى جهة برنوصة . دخلنا الى محله فاكتشفنا حقيقة الوضع المتردي الذي يمر به هذا التاجر ، فهو لم يعد قادرا على حماية محله من تسرب مياه الأمطار عبر السقف أما جدرانه فهي متشققة دون أن يجد حلا لصيانتها بسبب الفراغ الذي عم السوق . من جهته طلب منا وليد اللموشي (تاجر فضة) أن نتحول معه إلى موقع الوكالة القديم الذي كان يعج بالزوار والتجار الذين يتخذون من المدينة العتيقة وجهة لقضاء حاجياتهم ، فتبينا أنها تحولت إلى مرتع للجرذان مع تداعيها للسقوط وتكدس الأوساخ دون أن تشهد أي تدخل للمحافظة على شكلها المعماري الذي يعكس العراقة والأصالة. وقد طالب بدعمه حتى يحولها إلى فضاء تجاري يساهم في الحد من تضخم بطالة الشباب بالجهة ويعيد نشاط بعض الحرفيين الذين هجروا النهج المؤدي إلى «الغريبة» و«البازيليك» و«القصبة الحسينية» لتدهور مداخيلهم وعدم تعهد المسلك السياحي بالصيانة والتهيئة. و أبدى اللموشي استيائه من بلدية المكان لعدم العناية بالمعالم الأثرية والتصدي للانتصاب الفوضوي وتنظيم السوق حتى يكون وجهة للحرفاء لقضاء جميع حاجياتهم من المواد الغذائية وغيرها والتسوق بمختلف المحلات التجارية . هذا علاوة على أن بعض المحلات يتم استغلالها حاليا بالقوة وتحويلها إلى محلات للسكنى دون أن تحرك الجهات المعنية ساكنا . اما نورالدين اللموشي (تاجر) فقد فسر تراجع الأنشطة التجارية بغياب منوال تنموي يعيد نشاط المصانع الكبرى والشركات ويساهم في دفع الحركية الاقتصادية بالجهة . فبعد أن بلغ عدد تجار المصوغ بنهج الحبيب كرمة 30 تاجر في تسعينات القرن الماضي إلا أن عددهم تراجع إلى 6 حاليا . ورغم جودة الخدمات وعراقة المنتوج الذي يقدمه حرفيو الكاف إلا أن غياب الرحلات السياحية وعزوف الحرفاء جعل عدد التجار يضمحل . هذا علاوة على المشاكل الداخلية التي يشهدها قطاع الذهب والمداهمات العشوائية لأجهزة الديوانة وحجز كميات الذهب رغم سلامتها دون أن يتم إرجاعها إلى أصحابها مطالبا بتنظيم هذه التجارة التي عرفت بمساهمتها في أنشطة النوادي الرياضية والمساهمة في تشغيل الشبان بعد تكوينهم في قطاع المصوغ. لطفي بن خليفة بين أن واقع نهج الحبيب كرمة تغير تماما وأولها هو عدم توفر دوريات أمنية قد تحمي التجار والحرفاء خاصة في مجال الذهب ، كما أن السوق تحتاج إلى الصيانة والعناية بما يمكن أن يحولها إلى «مدينة عربي» بحماية واجهة المحلات من الأمطار وتيسير تنقل الحرفاء بينها وتنظيم سوق أسبوعية بحارة اليهود حتى يتم إحياء المدينة العتيقة وتحويلها إلى وجهة سياحية تساهم في عودة نشاط مختلف الحرفيين والتجار .وتبقى مسؤولية المجلس البلدي بالكاف هي التفاعل الإيجابي مع هذه المطالب بما يهدف إلى رد الاعتبار لتراث الجهة والمحافظة على معالمها وحمايتها من الإهمال والإتلاف وحفظ كرامة أهاليها من البطالة والفقر والتهميش . رئيس المجلس البلدي يوضح من جهته بين عمر الغيداوي رئيس المجلس البلدي أن مدينة الكاف بها سوقان أسبوعيتان بالكاف الغربية والشرقية وفي حالة بعث سوق ثالثة بالمدينة العتيقة فإنه سيتم خلق انتصاب فوضوي جديد وهذا مرفوض من قبل المجلس . ولتثمين الإرث الثقافي والحضاري وإعادة نشاط السوق التقليدية للمصوغ والمنتوجات الحرفية في « الحارة» ، ينكب المجلس على دراسة مشروع تبلغ كلفته حوالي 8 مليون دينار مع وكالة التهذيب والتجديد العمراني بدعم أجنبي للتهيئة الشاملة للمدينة العتيقة وتحويلها إلى سوق عصرية تستجيب لانتظارات التجار والحرفاء. ودورنا كمجلس بلدي اليوم هو إحداث دائرة بلدية في مقر الروضة بالمدينة العتيقة قصد تقريب الخدمات من المواطنين وإضفاء الحركية داخلها.