تعتبر المدينة العتيقة بسوسة أو "البلاد العربي" كما تسمى نبض الحياة الاقتصادية والمحرار الذي تقاس به درجة النشاط الاقتصادي في الجهة، ففضلا عن مغازات الصناعات التقليدية التي يقصدها السياح في كل فصل و حين توجد أسواق شهيرة بهذه المدينة نذكر منها سوق المصوغ وسوق العراوة للخضر والغلال والأسماك وسوق باب الجديد لنفس المنتوجات إضافة إلى المئات من مغازات الأحذية واللباس والمنتوجات الغذائية والمئات من الحرفيين في اختصاصات عديدة. وما من شك في أن شهر رمضان يعد أحد أهم فرص النشاط المكثف للمدينة العتيقة.. ولشهر رمضان هذه السنة طعم خاص فهو أول شهر للصيام في ظل الثورة وهو كذلك يأتي في فترة الذروة للموسم السياحي رغم أن موسم هذه السنة إستثنائي ودون المأمول بكثير، ثم إن المدينة العتيقة بمدينة سوسة عرفت خلال الأشهر الأخيرة تراجعا غير مسبوق في نشاطها مرده أسباب عديدة لخصها بعض التجار فيما يلي: الحبيب تاجر مواد تجميل يرى أن الثورة أحدثت حالة من عدم الاستقرار في أسعار المواد وانكماشا لدى المواطنين جعل الإقبال على الشراء يتراجع بصورة كبيرة ورغم أن شهري جويلية و أوت عرفا تحسنا ملحوظا فإن تجار المدينة العتيقة تضرروا من الوضع الجديد الذي يتمنى مخاطبنا أن لا يتواصل. أما محمد الهادي تاجر صناعات تقليدية فيرى أن الموسم السياحي لسنة 2011 كان كارثيا على الجميع، فأغلب التجار إضطروا للتداين حسب قوله و البنوك تضغط عليهم لأنهم قضوا أشهرا عديدة دون دخل يذكر ورغم التحسن النسبي في شهري جويلية وأوت فإن الوضع بعيد عن العادي حسب قوله. أما جاره كريم وهو تاجر أقمشة فإنه يتساءل عن سر الخوف من هؤلاء الباعة المنتصبين بصورة فوضوية في شوارع ومداخل المدينة العتيقة وأضاف أن ما يقع في أسواق مدينة سوسة وما جاورها هو حالة انتقام من تجارها الذين لا حول لهم ولا قوة في ظل غياب الردع والقانون. الحاج يوسف وهو كذلك تاجر بأسواق مدينة سوسة أكد ل » الصباح «أن أسواق »البلاد العربي « هي مقياس الحالة الاقتصادية للجهة، فإذا كانت هذه الأسواق ناشطة و تشهد إقبالا كبيرا فمعنى ذلك أن الناس بخير وأن طاقتهم الشرائية جيدة أما إذا كسدت أسواق «البلاد العربي» فمعنى ذلك أن الناس ليسوا بخير لأن هذه الأسواق تقصدها كل شرائح المجتمع، ويضيف محدثنا أن شهر رمضان لا يقاس عليه لأنه شهر استثنائي بالنسبة للمدينة العتيقة ورغم أن شهر الصيام لهذه السنة جاء بعد الثورة و في ظل ارتفاع مذهل للأسعار فإن النشاط الآن عادي و مثل رمضان العام الفارط، ويؤكد محدثنا أن عودة النشاط السياحي إلى سالف نسقه ستكون كفيلة بتنشيط المدينة العتيقة وإعادة الروح لها. في سوق الصاغة بالمدينة العتيقة كان لنا لقاء بعدد من المواطنين القادمين من كافة أنحاء جهة الساحل وقد أجمع كل من استجوبناهم عن انشغالهم من الشطط الذي طال أسعار الذهب خصوصا في هذه الفترة التي تعد فترة ذروة نشاط سوق الصاغة بحكم أفراح الزواج والخطوبة التي ستشهدها الفترة القادمة قبل انطلاق السنة الدراسية والجامعية. أحد العاملين في جمعية صيانة مدينة سوسة سابقا - طلب عدم ذكر اسمه -أبدى في نفس الوقت استياءه من تعدد المظاهر المزرية بالمدينة وأسواقها وتفشي عرض السلع الرديئة وعدم احترام خصوصيات هذا الجزء الهام من مدينة سوسة الذي يفترض أن يكون حافظا لذاكرة المدينة و خير مسوق لها في الأسواق السياحية العالمية وهو ما لم يحدث في العهد البائد ولم يحدث لحد الآن بعد الثورة.